للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُنَفِّلُونَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ حَتَّى إذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَّلَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ - وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْخُمُسُ قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْلِهِ الَّذِينَ سَمَّى، فَالنَّفَلُ مِنْهُ مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، وَهُوَ خُمْسُ الْخُمْسِ، وَسَائِرُ الْغَنِيمَةِ لِلْغَانِمِينَ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا مَا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى إخْرَاجَهُ، أَوْ أَوْجَبَ إخْرَاجَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ إلَّا السَّلَبُ جُمْلَةً لِلْقَاتِلِ، وَتَنْفِيلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الرُّبْعِ فَأَقَلَّ، أَوْ الثُّلُثِ فِي الْقُفُولِ فَأَقَلَّ.

وَكَذَلِكَ كَمَا رُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ تُقْسَمُ الْغَنَائِمُ كَمَا هِيَ بِالْقِيمَةِ وَلَا تُبَاعُ]

٩٥٧ - مَسْأَلَةٌ:

وَتُقْسَمُ الْغَنَائِمُ كَمَا هِيَ بِالْقِيمَةِ وَلَا تُبَاعُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِبَيْعِهَا، وَتُعَجَّلُ الْقِسْمَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَتُقْسَمُ الْأَرْضُ وَتُخَمَّسُ، كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ، وَلَا فَرْقَ، فَإِنْ طَابَتْ نُفُوسُ جَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ عَلَى تَرْكِهَا أَوْقَفَهَا الْإِمَامُ حِينَئِذٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ أَسْلَمَ نَصِيبَهُ كَانَ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى حَقِّهِ، لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: تُبَاعُ الْغَنِيمَةُ وَتُقْسَمُ أَثْمَانُهَا وَتُوقَفُ الْأَرْضُ وَلَا تُقْسَمُ وَلَا تَكُونُ مِلْكًا لِأَحَدٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَسَّمَهَا وَإِنْ شَاءَ أَوْقَفَهَا، فَإِنْ أَوْقَفَهَا فَهِيَ مِلْكٌ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ، وَلَا تُقْسَمُ الْغَنَائِمُ إلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُبَيِّنُ مَا قُلْنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الأنفال: ٦٩] وَلَمْ يَقُلْ مِنْ أَثْمَانِ مَا غَنِمْتُمْ.

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا مُسَدَّدٌ نَا أَبُو الْأَحْوَصِ نَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّهُمْ أَصَابُوا غَنَائِمَ فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمْ فَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>