للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا بُرْهَانٍ وَقَوْلٌ لَا نَعْلَمُ لَهُمْ سَلَفًا - وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ

وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ شَرِكَةَ الْأَبَدَانِ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اشْتَرَكْت أَنَا وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ، وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا عَجَبٌ عَجِيبٌ، وَمَا نَدْرِي عَلَى مَاذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَمْرُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ وَنَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ مِنْ التَّمْوِيهِ فِي دِينِهِ تَعَالَى بِالْبَاطِلِ.

أَوَّلُ ذَلِكَ -: أَنَّ هَذَا خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَا يَذْكُرُ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا: رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: قُلْت لِأَبِي عُبَيْدَةَ: أَتَذْكُرُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ أَعْظَمَ حَجَّةً عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ قَائِلٍ مَعَنَا وَمَعَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ هَذِهِ شَرِكَةٌ لَا تَجُوزُ، وَأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ بِمَا يُصِيبُ دُونَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ حَاشَا مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ كَوْنِ السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَ فَهُوَ غُلُولٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ شَرِكَةٌ لَمْ تَتِمَّ، وَلَا حَصَلَ لِسَعْدٍ وَلَا لِعَمَّارٍ، وَلَا لِابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ ذَيْنِكَ الْأَسِيرَيْنِ إلَّا مَا حَصَلَ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ بِالشَّامِ، وَلِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الَّذِي كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١] فَكَيْف يَسْتَحِلُّ مَنْ يَرَى الْعَارَ عَارًا أَنْ يَحْتَجَّ بِشَرِكَةٍ أَبْطَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَمْضِهَا؟ .

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُمْ - يَعْنِي الْحَنَفِيِّينَ - لَا يُجِيزُونَ الشَّرِكَةَ فِي الِاصْطِيَادِ، وَلَا يُجِيزُهَا الْمَالِكِيُّونَ فِي الْعَمَلِ فِي مَكَانَيْنِ، فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُمْ، فَمَنْ أَعْجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ فِي تَصْحِيحِ قَوْلِهِ بِرِوَايَةٍ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُ؟ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى تَوْفِيقِهِ لَنَا.

[مَسْأَلَةٌ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ إلَّا فِي أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ]

١٢٤٠ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ إلَّا فِي أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ، فَتَجُوزُ فِي التِّجَارَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>