يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، فَكَيْف يَسْتَحِلُّ ذُو دِينٍ أَنْ يُعَارِضَ بِهَذِهِ السَّوْءَةِ أَحَادِيثَ الْكَوَافِّ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ: إنَّهُمْ شَهِدُوا صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّاتٍ: مَرَّةً بِذِي قَرَدٍ، وَمَرَّةً بِذَاتِ الرِّقَاعِ، وَمَرَّةً بِنَجْدٍ، وَمَرَّةً بَيْنَ ضَجَنَانَ وَعُسْفَانَ، وَمَرَّةً بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ، وَمَرَّةً بِنَخْلٍ، وَمَرَّةً بِعُسْفَانَ، وَمَرَّةً يَوْمَ مُحَارَبٍ وَثَعْلَبَةَ، وَمَرَّةً إمَّا بِالطَّائِفِ وَإِمَّا بِتَبُوكَ.
وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَكَابِرُ التَّابِعِينَ وَالثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ؟ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَإِنَّمَا قُلْنَا: بِالصَّلَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ خَوْفٍ لِعُمُومِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " فُرِضَتْ الصَّلَاةُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً " وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ حُكْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ خَافَ مِنْ طَالِبٍ لَهُ بِحَقٍّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ]
٥٢٠ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِطَائِفَتَيْنِ مَنْ خَافَ مِنْ طَالِبٍ لَهُ بِحَقٍّ، وَلَا أَنْ يُصَلِّيَ أَصْلًا بِثَلَاثِ طَوَائِفَ فَصَاعِدًا؟ لِأَنَّ فِي صَلَاتِهَا بِطَائِفَتَيْنِ عَمَلًا لِكُلِّ طَائِفَةٍ فِي صَلَاتِهَا هِيَ مَنْهِيَّةٌ عَنْهُ إنْ كَانَتْ بَاغِيَةً
وَمَنْ عَمِلَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إذْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ؟ وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى رَاكِبًا، أَوْ مَاشِيًا، أَوْ مُحَارَبًا، أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، أَوْ قَاعِدًا خَوْفَ طَالِبٍ لَهُ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَمِلَ عَمَلًا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ، وَهُوَ فِي كَوْنِهِ مَطْلُوبًا بِبَاطِلٍ عَامِلٌ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ عَمَلًا أُبِيحَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ تِلْكَ؟ وَلَمْ يُصَلِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَطُّ بِثَلَاثِ طَوَائِفَ، وَلَوْلَا صَلَاتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِطَائِفَتَيْنِ لَمَا جَازَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَجُوزُ عَمَلٌ فِي الصَّلَاةِ، إلَّا مَا أَبَاحَهُ النَّصُّ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» . وَالْوَاحِدُ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ وَصَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَمَنْ صَلَّى كَمَا ذَكَرْنَا هَارِبًا عَنْ كَافِرٍ أَوْ عَنْ بَاغٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي مَشْيِهِ ذَلِكَ تَحَرُّفًا لِقِتَالٍ أَوْ تَحَيُّزًا إلَى فِئَةٍ فَتُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute