رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ: أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ. وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا تُؤْخَذُ وَعَلَيْهِ مَا تَحَمَّلَ -: وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: ثنا جَرِيرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ: أَنَّهُمَا قَالَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالزَّكَاةِ: هُمَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ قَالَ عَلِيٌّ: وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ: إنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَتَحَاصُّ مَعَ دُيُونِ النَّاسِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى.» قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ الثَّابِتَةَ - الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا - وَالْقِيَاسَ، وَلَمْ يَتَعَلَّقُوا بِقَوْلِ صَاحِبٍ نَعْلَمُهُ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يُجْزِئُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ إلَّا بِنِيَّةِ أَنَّهَا الزَّكَاةُ]
٦٨٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُجْزِئُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ إذَا أَخْرَجَهَا الْمُسْلِمُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ بِأَمْرِهِ إلَّا بِنِيَّةِ أَنَّهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَخَذَهَا الْإِمَامُ، أَوْ سَاعِيهِ، أَوْ أَمِيرُهُ، أَوْ سَاعِيهِ فَبِنِيَّةِ كَذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ.» فَلَوْ أَنَّ امْرَأً أَخْرَجَ زَكَاةَ مَالٍ لَهُ غَائِبٍ فَقَالَ: هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي إنْ كَانَ سَالِمًا، وَإِلَّا فَهِيَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ -: لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ إنْ كَانَ سَالِمًا، وَلَمْ يَكُنْ تَطَوُّعًا لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصْ النِّيَّةَ لِلزَّكَاةِ مَحْضَةٍ كَمَا أُمِرَ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُهُ إنْ أَخْرَجَهَا عَلَى أَنَّهَا زَكَاةُ مَالِهِ فَقَطْ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ سَالِمًا أَجْزَأَهُ، لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا أُمِرَ مُخْلِصًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَدْ تَلِفَ، فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَى، وَإِنْ فَاتَتْ أَدَّى الْإِمَامُ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهَا وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهَا، فَهُمْ غَارِمُونَ بِذَلِكَ، وَهَذَا كَمَنْ شَكَّ: عَلَيْهِ يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ عَلَيْهِ صَلَاةُ فَرْضٍ أَمْ لَا؟ فَصَلَّى عَدَدَ رَكَعَاتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute