للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي.

» فَقَدْ عَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَسْمَعُ " الضَّرْبَ " وَلَمْ يَقُلْ بِسِلَاحٍ، وَلَا غَيْرِهِ. فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ حِرَابَةٍ بِسِلَاحٍ، أَوْ بِلَا سِلَاحٍ فَسَوَاءٌ؟ قَالَ: فَوَجَبَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُحَارِبَ: هُوَ الْمُكَابِرُ الْمُخِيفُ لِأَهْلِ الطَّرِيقِ، الْمُفْسِدُ فِي سَبِيلِ الْأَرْضِ - سَوَاءً بِسِلَاحٍ، أَوْ بِلَا سِلَاحٍ أَصْلًا - سَوَاءً لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا - فِي مِصْرٍ، أَوْ فِي فَلَاةٍ - أَوْ فِي قَصْرِ الْخَلِيفَةِ، أَوْ الْجَامِعِ - سَوَاءً قَدَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ إمَامًا، أَوْ لَمْ يُقَدِّمُوا سِوَى الْخَلِيفَةِ نَفْسِهِ - فَعَلَ ذَلِكَ بِجُنْدِهِ أَوْ غَيْرِهِ - مُنْقَطِعِينَ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ أَهْلِ قَرْيَةٍ سُكَّانًا فِي دُورِهِمْ، أَوْ أَهْلِ حِصْنٍ كَذَلِكَ، أَوْ أَهْلِ مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ، أَوْ غَيْرِ عَظِيمَةٍ كَذَلِكَ - وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ - كُلُّ مَنْ حَارَبَ الْمَارَّ، وَأَخَافَ السَّبِيلَ بِقَتْلِ نَفْسٍ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ، أَوْ لِجِرَاحَةٍ، أَوْ لِانْتِهَاكِ فَرْجٍ: فَهُوَ مُحَارِبٌ، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ - كَثُرُوا أَوْ قَلُّوا - حُكْمُ الْمُحَارِبِينَ الْمَنْصُوصُ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ، إذْ عَهِدَ إلَيْنَا بِحُكْمِ الْمُحَارِبِينَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] . وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ هَذِهِ الْوُجُوهِ لَمَا أَغْفَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا نَسِيَهُ وَلَا أَعْنَتَنَا بِتَعَمُّدِ تَرْكِ ذِكْرِهِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ لَنَا غَيْرُهُ بِالتَّكَهُّنِ وَالظَّنِّ الْكَاذِبِ.

[مَسْأَلَة إعْطَاء المحاربين الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُجْحِفُ بِالْمَقْطُوعِ عَلَيْهِمْ]

٢٢٥٧ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ قَوْمٌ: يَجِبُ أَنْ يُعْطَى الْمُحَارِبُونَ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُجْحِفُ بِالْمَقْطُوعِ عَلَيْهِمْ، وَرَأَوْا ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ لِغَيْرِ الْمُحَارِبِينَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي نَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَوْا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَيْئًا - قَلَّ أَمْ كَثُرَ - سَوَاءٌ مُحَارِبًا كَانَ أَوْ شَيْطَانًا. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] وقَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] .

[مَسْأَلَة فِيمَنْ سُئِلَ مَاله بِغَيْرِ حَقّ]

٢٢٥٨ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَا يَخْلُو أَخْذُ الْمَالِ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ الظُّلْمِ، وَالْغَلَبَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ، لَا ثَالِثَ لَهُمَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>