صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا» ؟ ، وَإِذَا تُؤُمِّلَ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ - فِي لُغَةِ الْعَرَبِ - رَاجِعٌ إلَى " الْغَدَاةِ " - لَا إلَى الصَّلَاةِ -: أَيْ فَلْيَقْضِ مَعَ الْغَدَاةِ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي يُصَلِّي، بِلَا زِيَادَةٍ عَلَيْهَا -: أَيْ: فَلْيُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ كُلَّ يَوْمٍ؛ فَتَتَّفِقُ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ صِفَةُ الصَّلَاةِ وَمَا لَا تُجْزِئُ إلَّا بِهِ]
٣٤٣ - مَسْأَلَةٌ: صِفَةُ الصَّلَاةِ، وَمَا لَا تُجْزِئُ إلَّا بِهِ: لَا تُجْزِئُ أَحَدًا صَلَاةٌ إلَّا بِثِيَابٍ طَاهِرَةٍ، وَجَسَدٍ طَاهِرٍ، فِي مَكَان طَاهِرٍ؟ قَالَ عَلِيٌّ: قَدْ ذَكَرْنَا الْأَشْيَاءَ الْمُفْتَرَضَ اجْتِنَابُهَا؛ فَمَنْ صَلَّى غَيْرَ مُجْتَنِبٍ لَهَا فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَنْسِ مَا كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ؛ وَبِأَنْ تُطَيَّبَ الْمَسَاجِدُ وَتُنَظَّفَ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الَّذِي سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِسْنَادِهِ «وَجُعِلَتْ لِي كُلُّ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ؟ ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] .
وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ: الْقَلْبُ -: فَقَدْ خَصَّ الْآيَةَ بِدَعْوَاهُ بِلَا بُرْهَانٍ، وَالْأَصْلُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ: أَنَّ الثِّيَابَ هِيَ الْمَلْبُوسَةُ وَالْمُتَوَطَّأَةُ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ ذَلِكَ إلَى الْقَلْبِ وَالْعَرَضِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَا حَالَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا حَالَانِ، لَا ثَالِثَ لَهُمَا: حَالُ الصَّلَاةِ، وَحَالُ غَيْرِ الصَّلَاةِ؟ .
وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّهُ لَا يُحْرَجُ مَنْ فِي بَدَنِهِ شَيْءٌ وَاجِبٌ اجْتِنَابُهُ وَفِي ثِيَابِهِ أَوْ فِي مَقْعَدِهِ فِي حَالِ غَيْرِ الصَّلَاةِ؛ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ: هَلْ ذَلِكَ مُبَاحٌ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا خَرَجَتْ حَالُ غَيْرِ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ لَمْ يَبْقَ حَيْثُ تُسْتَعْمَلُ أَوَامِرُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا لِلصَّلَاةِ؛ فَهَذَا فَرْضٌ فِيهَا -، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute