للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحَةٌ وَلَا رِوَايَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ أَصْلًا، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ لَهُ قَائِلٌ قَبْلَ مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: ٥٩] .

فَلَيْتَ شِعْرِي هَلْ رَدَّ هَؤُلَاءِ هَذَا الِاخْتِلَافَ إلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهَلْ وَجَدُوا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ نَصًّا أَوْ دَلِيلًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْفَاسِدَةِ. وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْقُنْيَةِ فَنَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، فَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَنَوَى بِهَا الْقُنْيَةَ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عَنْهَا؛ فَاحْتَاطُوا لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ الَّتِي أَوْجَبُوهَا بِجَهْلِهِمْ.

وَقَالُوا كُلُّهُمْ: مَنْ اشْتَرَى مَاشِيَةً لِلتِّجَارَةِ، أَوْ زَرَعَ لِلتِّجَارَةِ، فَإِنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ تَسْقُطُ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ؛ وَكَانَ فِي هَذَا كِفَايَةٌ لَوْ أَنْصَفُوا أَنْفُسَهُمْ، وَلَوْ كَانَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ حَقًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَسْقَطَتْهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ؛ وَلَكِنَّ الْحَقَّ يَغْلِبُ الْبَاطِلَ.

فَإِنْ قَالُوا: لَا تَجْتَمِعُ زَكَاتَانِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ. قُلْنَا: فَمَا الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ لَيْتَ شِعْرِي إذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَهُمَا جَمِيعًا أَوْ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

[مَسْأَلَةٌ زَكَاةُ التَّمْرِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ]

٦٤٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا زَكَاةَ فِي تَمْرٍ، وَلَا بُرٍّ، وَلَا شَعِيرٍ: حَتَّى يَبْلُغَ مَا يُصِيبُهُ الْمَرْءُ الْوَاحِدُ مِنْ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنْهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ؛ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا؛ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَالْمُدُّ مِنْ رَطْلٍ وَنِصْفٍ إلَى رَطْلٍ وَرُبْعٍ عَلَى قَدْرِ رَزَانَةِ الْمُدِّ وَخِفَّتِهِ، وَسَوَاءٌ زَرَعَهُ فِي أَرْضٍ لَهُ أَوْ فِي أَرْضٍ لِغَيْرِهِ بِغَصْبِ أَوْ بِمُعَامَلَةٍ جَائِزَةٍ، أَوْ غَيْرِ جَائِزَةٍ، إذَا كَانَ النَّذْرُ غَيْرَ مَغْصُوبٍ، سَوَاءٌ أَرْضَ خَرَاجٍ كَانَتْ أَوْ أَرْضَ عُشْرٍ.

وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ النَّاسِ، وَبِهِ يَقُولُ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُزَكَّى مَا قَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَمَا كَثُرَ، فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا أُصِيبَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةً فَالزَّكَاةُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا عَلَى الزَّارِعِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، فَإِنْ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِمَا نَقَصَهَا الزَّرْعَ فَالزَّكَاةُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>