رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ؛ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا. وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: لَا يَصُومُ الْمُسَافِرُ أَفْطِرْ أَفْطِرْ؟ وَعَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا صِيَامَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ جَاءَ خَبَرٌ لَوْ وَجَدُوا مِثْلَهُ لَعَظُمَ الْخَطْبُ مَعَهُمْ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ نا مُوسَى بْنُ هَارُونَ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ نا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى التَّيْمِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا نَحْتَجُّ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ وَلَا نَرَاهُ حُجَّةً لَنَا وَلَا عَلَيْنَا وَفِي الْقُرْآنِ وَصَحِيحِ السُّنَنِ كِفَايَةٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. قَالَ عَلِيٌّ: وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، وَمَالِكٌ يَرَى فِي ذَلِكَ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ يَخْتَارُونَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ عَلَى الْفِطْرِ، تَنَاقُضًا لَا مَعْنَى لَهُ، وَخِلَافًا لِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلِلْقِيَاسِ الَّذِي يَدَّعُونَ لَهُ السُّنَنَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذْ قَدْ صَحَّ هَذَا فَمَنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ تَطَوُّعًا، وَلَهُ أَنْ يَصُومَ فِيهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ أَفْطَرَهُ قَبْلُ أَوْ سَائِرَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الصَّوْمِ نَذْرًا أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] : وَلَمْ يَخُصَّ رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَمْنَعْ النَّصُّ مِنْ صِيَامِهِ إلَّا لِعَيْنِهِ فَقَطْ؛ وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَإِنْ كَانَ يُؤْذِيه الصَّوْمُ فَتَكَلَّفَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ - يَقْضِيَهُ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْحَرَجِ وَالتَّكَلُّفِ، وَعَنْ أَذَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَمَا نَعْلَمُ مَرِيضًا لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي الصَّوْمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] فَالْحَرَجُ لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدِّينِ.
[مَسْأَلَةٌ أَقَامَ الصَّائِم مِنْ قَبْلِ الْفَجْرِ وَلَمْ يُسَافِرْ إلَى بَعْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ]
٧٦٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَقَامَ مِنْ قَبْلِ الْفَجْرِ وَلَمْ يُسَافِرْ إلَى بَعْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي سَفَرِهِ فَعَلَيْهِ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ وَلَا بُدَّ، سَوَاءٌ كَانَ فِي جِهَادٍ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أُلْزِمَ الْفِطْرَ إذَا كَانَ عَلَى سَفَرٍ وَهَذَا مُقِيمٌ؛ فَإِنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فَقَدْ أَخْطَأَ إنْ كَانَ جَاهِلًا مُتَأَوِّلًا، وَعَصَى إنْ كَانَ عَالِمًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ صَحِيحٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute