وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ قَالَ: قُلْت مَا الْجَائِحَةُ؟ قَالَ: النِّصْفُ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا الزُّهْرِيُّ لَا يَرَى الْجَائِحَةَ إلَّا النِّصْفَ.
وَهَذَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَقِيهُ الْمَدِينَةِ لَا يَرَى الْجَائِحَةَ إلَّا فِي الثُّمْنِ، لَا فِي عَيْنِ الثَّمَرَةِ - وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ]
١٤٢٣ - مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ - عُرِفَ مَكَانُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ - جَائِزٌ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْجَمَلِ الشَّارِدِ - عُرِفَ مَكَانُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ.
وَكَذَلِكَ الشَّارِدُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ، وَمِنْ الطَّيْرِ الْمُتَفَلِّتِ وَغَيْرِهِ، إذَا صَحَّ الْمِلْكُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ.
وَأَمَّا كُلُّ مَا لَمْ يَمْلِكْ أَحَدٌ بَعْدُ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ، فَمَنْ بَاعَهُ فَإِنَّمَا بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ، فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.
وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فَقَدْ صَحَّ مِلْكُ مَالِكِهِ لَهُ، وَكُلُّ مَا مَلَكَهُ الْمَرْءُ فَحُكْمُهُ فِيهِ نَافِذٌ بِالنَّصِّ -: إنْ شَاءَ وَهَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَإِنْ مَاتَ فَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ مِلْكٌ وَمَوْرُوثٌ عَنْهُ، فَمَا الَّذِي حَرَّمَ بَيْعَهُ وَهِبَتَهُ؟ وَقَدْ أَبْطَلْنَا قَبْلُ قَوْلَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّيْدِ يَتَوَحَّشُ، وَبَيْنَ الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ، وَالْخَيْلِ يَتَوَحَّشُ - وَكَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّيْدِ مِنْ السَّمَكِ، وَمِنْ الطَّيْرِ، وَمِنْ النَّحْلِ، وَمِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كُلُّ مَا مُلِكَ مِنْ ذَلِكَ -: فَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِ مَالِكِهِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ.
فَمَنْ ادَّعَى سُقُوطَ الْمِلْكِ عَنْهُ بِتَوَحُّشِهِ، أَوْ بِرُجُوعِهِ إلَى النَّهْرِ أَوْ الْبَحْرِ -: فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ، وَأَحَلَّ حَرَامًا بِغَيْرِ دَلِيلٍ لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَلَا مِنْ تَوَرُّعٍ، وَلَا مِنْ رَأْيٍ يُعْقَلُ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ أَبَدًا صَاحِبُهُ، وَلَا غَيْرُ صَاحِبِهِ؟ قُلْنَا: فَكَانَ مَاذَا؟ وَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ عِنْدَكُمْ سُقُوطُ مِلْكِ الْمُسْلِمِ عَنْ مَالِهِ بِجَهْلِهِ بِعَيْنِهِ؟ وَبِأَنَّهُ لَا يُمَيِّزُهُ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ يَأْبَقُ فَلَا تُمَيِّزُهُ صُورَتُهُ أَبَدًا، وَالْبَعِيرُ كَذَلِكَ، وَالْفَرَسُ كَذَلِكَ؟ أَفَتَرَوْنَ الْمِلْكَ يَسْقُطُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يُمَيِّزُهُ أَحَدٌ أَبَدًا، لَا صَاحِبُهُ وَلَا غَيْرُهُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute