فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى غَيْرِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ نَفْيًا، وَلَا عَدَدَ الْجَلْدِ، فَإِنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى إسْقَاطِ التَّغْرِيبِ فَهُوَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى إسْقَاطِ عَدَدِ مَا يُجْلَدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى إسْقَاطِ عَدَدِ مَا يُجْلَدُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ، فَلَيْسَ أَيْضًا دَلِيلًا عَلَى نَسْخِ النَّفْيِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ، وَالْأَخْبَارُ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَأَحْكَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامُ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كُلُّهَا حَقٌّ وَلَا يَحِلُّ تَرْكُ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ، بَلْ الْوَاجِبُ ضَمُّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَاسْتِعْمَالُ جَمِيعِهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَمَّا إسْقَاطُ مَالِكٍ النَّفْيَ عَنْ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ، وَالنِّسَاءِ، وَإِثْبَاتُهُ إيَّاهُ عَلَى الْحُرِّ، فَتَفْرِيقٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، لِأَنَّ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْرَهُ قَدْ وَرَدَ عُمُومًا بِالنَّفْيِ عَلَى كُلِّ مَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ، وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً مِنْ رَجُلٍ، وَلَا عَبْدًا مِنْ حُرٍّ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] .
فَصَحَّ أَنَّ عَلَيْهِنَّ مِنْ النَّفْيِ نِصْفُ مَا يَنْفِي الْمُحْصَنَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِنِسْبَةِ مَا أَدَّى مِنْ حَدِّ الْحُرِّ، وَبِنِسْبَةِ مَا لَمْ يُؤَدِّ مِنْ حَدِّ الْعَبْدِ. فَبَطَلَ كُلُّ مَا خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة الْحُرُّ وَالْحُرَّةُ إذَا زَنَيَا وَهُمَا مُحْصَنَانِ]
حَدُّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ الْمُحْصَنَيْنِ ٢٢٠٨ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحُرُّ وَالْحُرَّةُ إذَا زَنَيَا - وَهُمَا مُحْصَنَانِ - فَإِنَّهُمَا يُرْجَمَانِ حَتَّى يَمُوتَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْلَدَانِ ثُمَّ يُرْجَمَانِ حَتَّى يَمُوتَا.
فَأَمَّا الْأَزَارِقَةُ - فَلَيْسَ مِنْ فِرَقِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَا رَجْمَ أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ الْجَلْدُ فَقَطْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute