للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا اخْتَرْنَا لَهُ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَشْعَثَ؟ قُلْنَا: مَا عَلَّمَنَا اللَّهُ - تَعَالَى - وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتِيَارَ الشُّعْثِ لِلْمُحْرِمِ؟ فَإِنْ اخْتَرْتُمُوهُ فَأْمُرُوهُمْ بِالْإِهْلَالِ مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ فَهُوَ أَتَمُّ لِلشُّعْثِ؟

[الْإِمَامُ إذَا أَتَمَّ الْخُطْبَةَ بِعَرَفَة]

وَأَمَّا قَوْلُنَا: أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ إذَا أَتَمَّ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ يُقِيمَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ يُقِيمَ لِلْعَصْرِ وَلَا يُؤَذِّنَ لَهَا؛ فَلِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آنِفًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ؛ وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً أُخْرَى: إنْ شَاءَ أَذَّنَ، وَالْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ، وَإِنْ شَاءَ إذَا أَتَمَّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ: يُؤَذِّنُ إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْخُطْبَةِ - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُؤَذِّنُ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ؛ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يُؤَذِّنُ بَعْدَ صَدْرٍ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ مُؤَذِّنٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَأْخُذُ فِي الْأَذَانِ إذَا أَتَمَّ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ الْأُولَى.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَا حُجَّةَ لِصِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا؟ فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى الْجُمُعَةِ؟ قُلْنَا: الْقِيَاسُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قِيَاسُ الْأَذَانِ بِعَرَفَةَ عَلَى الْأَذَانِ بِالْجُمُعَةِ بِأَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ لِلْجُمُعَةِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي عَرَفَةَ لَا سِيَّمَا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لَا جُمُعَةَ بِعَرَفَةَ؟ فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّ الْجُمُعَةَ بِعَرَفَةَ كَمَا هِيَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُبِيحٍ مُخَالَفَةَ مَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِفَةِ الْأَذَانِ فِيهَا بِخِلَافِهِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ كَمَا كَانَ بِعَرَفَةَ حُكْمُ الصَّلَاةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ خِلَافٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كُلِّهِمْ فِي الْقَوْلِ بِذَلِكَ لَصَدَقْنَا.

[الْجَمْع بَيْنَ صَلَاتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ]

وَأَمَّا قَوْلُنَا: بِالْجَمْعِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَبِمُزْدَلِفَةَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ كَذَلِكَ أَيْضًا فَلِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ؛ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا؛ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ؛ فِي الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ كَمَا قُلْنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>