وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ نا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ - ثَلَاثًا - الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَيْسَ شَكُّ الرَّاوِي بَيْنَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَهَادَةَ الزُّورِ أَوْ قَوْلَ الزُّورِ بِمُحِيلٍ شَيْئًا مِنْ حُكْمِ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَالْمَعْنَى فِيهِ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ، لِأَنَّ كُلَّ قَوْلٍ قَالَهُ الْمَرْءُ غَيْرَ حَاكٍ فَقَدْ شَهِدَ بِهِ، وَكُلُّ شَهَادَةٍ يَشْهَدُ بِهَا الْمَرْءُ فَقَدْ قَالَهَا فَالْقَوْلُ شَهَادَةٌ، وَالشَّهَادَةُ قَوْلٌ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ هِيَ غَيْرُ الشَّهَادَةِ الْمَحْكُومِ بِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: ١٩] وَقَالَ تَعَالَى {فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: ١٥٠] فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ هِيَ الْقَوْلُ الْمَقُولُ، لَا الْمُؤَدَّاةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِصِفَةٍ مَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَصَحَّ أَنَّ قَذْفَ الْكَافِرَةِ الْبَرِيئَةِ قَوْلُ زُورٍ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ، وَقَوْلُ الزُّورِ مِنْ الْكَبَائِرِ، كَمَا بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ الْهَادِي عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» .
فَصَحَّ أَنَّ السَّبَّ الْمَذْكُورَ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَمَّا مَنْ رَمَى الْمَرْءَ بِمَا فَعَلَ فَلَيْسَ قَذْفًا، لَكِنَّهُ غَيْبَةٌ إنْ كَانَ غَائِبًا، وَأَذًى إنْ كَانَ حَاضِرًا، هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة الواجب بقذف المحصنات]
٢٢٣١ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ الْمُحْصَنَاتُ الْوَاجِبُ بِقَذْفِهِنَّ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute