وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ إنْكَارُ الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ لِلْمُسْلِمِ.
وَلَيْتَ شِعْرِي هَلْ عَقَلَ ذُو عَقْلٍ قَطُّ أَنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إسْقَاطَ الزَّكَاةِ عَمَّا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ. وَهَذَا مَكَانٌ لَا يُقَابَلُ إلَّا بِالتَّعَجُّبِ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَيَكْفِي مِنْ هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الرَّافِعِ لَا عَلَى الْأَرْضِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ الْعُشْرَ مِنْ غَيْرِ الَّذِي أَصَابَ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ لَكَانَ ذَلِكَ لَهُ؛ وَلَمْ يَجُزْ إجْبَارُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ مِنْ عَيْنِ مَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ فَصَحَّ أَنَّ الزَّكَاةَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِ الرَّافِعِ؛ لَا فِي الْأَرْضِ
[مَسْأَلَةٌ زَكَاة مَا أُصِيبَ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ]
٦٤٣ - مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ مَا أُصِيبَ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ غَصْبَهُ الْأَرْضِ لَا يُبْطِلُ مِلْكَهُ عَنْ بَذْرِهِ؛ فَالْبَذْرُ إذَا كَانَ لَهُ فَمَا تَوَلَّدَ عَنْهُ فَلَهُ؛ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ حَقُّ الْأَرْضِ فَقَطْ؛ فَفِي حِصَّتِهِ مِنْهُ الزَّكَاةُ، وَهِيَ لَهُ حَلَالٌ وَمِلْكٌ صَحِيحٌ.
وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، أَوْ الْمَأْخُوذَةُ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، أَوْ الْمَمْنُوحَةُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» .
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْبَذْرُ مَغْصُوبًا فَلَا حَقَّ لَهُ؛ وَلَا حُكْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْبَتَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ؛ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَرْضِهِ نَفْسِهِ أَمْ فِي غَيْرِهَا، وَهُوَ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]
وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ غَاصِبَ الْبَذْرِ إنَّمَا أَخَذَهُ بِالْبَاطِلِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ بَذْرٍ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَمُحَرَّمٌ عَلَيْهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَكْلُهُ، وَكُلُّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَيْسَ وُجُوبُ الضَّمَانِ بِمُبِيحٍ لَهُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، فَإِنْ مَوَّهُوا بِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ «الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ» . فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ -:
أَوَّلُهَا: أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ رَاوِيَهُ مَخْلَدُ بْنُ خَفَّافٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute