للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة نِكَاح الزَّانِيَة]

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِلزَّانِيَةِ أَنْ تَنْكِحَ أَحَدًا، لَا زَانِيًا وَلَا عَفِيفًا حَتَّى تَتُوبَ، فَإِذَا تَابَتْ حَلَّ لَهَا الزَّوَاجُ مِنْ عَفِيفٍ حِينَئِذٍ.

وَلَا يَحِلُّ لِلزَّانِي الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُسْلِمَةً لَا زَانِيَةً وَلَا عَفِيفَةً حَتَّى يَتُوبَ، فَإِذَا تَابَ حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْعَفِيفَةِ الْمُسْلِمَةِ حِينَئِذٍ.

وَلِلزَّانِي الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ كِتَابِيَّةً عَفِيفَةً وَإِنْ لَمْ يَتُبْ، فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا، فَإِنْ نَكَحَ عَفِيفٌ عَفِيفَةً ثُمَّ زَنَى أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ بِذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ بِهَذَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّدَائِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى إلَيْهِ فَقَالَ: إنَّ لِي ابْنَةَ عَمٍّ أَهْوَاهَا، وَقَدْ كُنْت نِلْت مِنْهَا؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إنْ كَانَ شَيْئًا بَاطِنًا - يَعْنِي الْجِمَاعَ - فَلَا، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا ظَاهِرًا - يَعْنِي الْقُبْلَةَ - فَلَا بَأْسَ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ ابْنِ سَابِطٍ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِمَحْدُودٍ تَزَوَّجَ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ؟ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ نا شُعْبَةُ نا قَتَادَةُ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الَّذِي يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ بَعْدَ أَنْ زَنَى بِهَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ.

وَبِهِ إلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: نا مَعْمَرٌ، ثُمَّ اتَّفَقَ سُفْيَانُ، وَمَعْمَرٌ، قَالَا جَمِيعًا: نا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ يَنْكِحُهَا؟ فَقَالَ سَالِمٌ: سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: ٢٥] الْآيَةَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْقَوْلَانِ مِنْهُ مُتَّفِقَانِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَهَا بَعْدَ التَّوْبَةِ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ مَا اصْطَحَبَا - يَعْنِي: الرَّجُلَ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً زَنَى بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>