للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: إنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ هَمَّ بِرَجْمِهَا فَلَوْلَا أَنَّ الرَّجْمَ عَلَيْهَا كَانَ وَاجِبًا مَا هَمَّ، وَإِنَّمَا تَرَكَ رَجْمَهَا إذْ عَرَفَ جَهْلَهَا بِلَا شَكٍّ.

وَنَحْنُ أَيْضًا لَا نَرَى حُجَّةً فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ إذْ تَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تُحَرِّمُوهَا عَلَى الرِّجَالِ فِي الْأَبَدِ، كَمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ]

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ نا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ أَوْ مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْته؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَهِدْنَا بِالْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ، يُعَظِّمُونِ خِلَافَ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ، وَكُلُّهُمْ قَدْ خَالَفُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُمْ يُقَلِّدُونَهُ فِيمَا هُوَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ لَا تَصِحُّ؟ وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ انْعَقَدَ سَالِمًا مِمَّا يُفْسِدُهُ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّحْلِيلُ وَالطَّلَاقُ فَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ تَامٌّ لَا يُفْسَخُ - وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ - لِأَنَّ كُلَّ نَاكِحٍ لِمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا فَهُوَ مُحَلِّلٌ وَلَا بُدَّ، فَالتَّحْلِيلُ الْمُحَرَّمُ هُنَا: هُوَ مَا انْعَقَدَ عَقْدًا غَيْرَ صَحِيحٍ.

وَأَمَّا إذَا عُقِدَ النِّكَاحُ عَلَى شَرْطِ التَّحْلِيلِ ثُمَّ الطَّلَاقِ فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ، وَنِكَاحٌ فَاسِدٌ، فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ وَالْحَدُّ، لِأَنَّهُ زِنًا، وَعَلَيْهَا إنْ كَانَتْ عَالِمَةً مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ - فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا صَدَاقَ، وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِالشِّغَارِ، وَالْمُتْعَةِ وَالْعَقْدِ بِشَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، أَيُّ شَرْطٍ كَانَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ٢٢١٨ -

[مَسْأَلَة الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلزِّنَى أَوْ لِلْخِدْمَةِ وَالْمُخْدِمَةِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>