للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدٍ، وَلَا أَنْ يُولِيَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، لَا بِوَكَالَةٍ، وَلَا بِغَيْرِهَا، فَهَلَّا قَاسُوا الطَّلَاقَ عَلَى ذَلِكَ؟ وَلَكِنْ لَا النُّصُوصُ يَتَّبِعُونَ، وَلَا الْقِيَاسُ يُحْسِنُونَ.

وَكُلُّ مَكَان ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ " الطَّلَاقَ " فَإِنَّهُ خَاطَبَ بِهِ الْأَزْوَاجَ لَا غَيْرَهُمْ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ غَيْرُهُمْ عَنْهُمْ - لَا بِوَكَالَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا - لِأَنَّهُ كَانَ تَعَدِّيًا لِحُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٢٩] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] فَلَا خِيَارَ لِأَحَدٍ فِي خِلَافِ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ - وَمَا نَعْلَمُ إجَازَةَ التَّوْكِيلِ فِي " الطَّلَاقِ " عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنِ.

[مَسْأَلَةٌ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ بِالطَّلَاقِ]

١٩٥٦ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ بِالطَّلَاقِ فَلَيْسَ شَيْئًا.

وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: فَرُوِّينَا عَنْ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ إذَا كَتَبَ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَهُوَ طَلَاقٌ لَازِمٌ - وَبِهِ يَقُولُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.

وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ أَنَا يُونُسُ، وَمَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ، فِي رَجُلٍ كَتَبَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ مَحَاهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُمْضِيَهُ، أَوْ يَتَكَلَّمَ بِهِ.

وَرُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ - وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَتَبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَإِنْ كَتَبَهُ فِي كِتَابٍ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلَاقًا صُدِّقَ فِي الْفُتْيَا وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ.

وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَتَبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ، وَالشَّافِعِيِّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]

وَقَالَ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَلَا يَقَعُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي خَاطَبَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - اسْمُ تَطْلِيقٍ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ إنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ اللَّفْظُ بِهِ - فَصَحَّ أَنَّ الْكِتَابَ لَيْسَ طَلَاقًا حَتَّى يَلْفِظَ بِهِ إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ نَصٌّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>