للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: وَاَلَّتِي تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ قَدْ تَمُوتُ هِيَ قَبْلَهُ فَيَرِثُهَا فَيَزِيدُ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ فِي مِيرَاثِهِمْ، وَلَيْتَ شِعْرِي أَيَمْنَعُونَ الْمُسْلِمَ الْمَرِيضَ مِنْ زَوَاجِ مَمْلُوكَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ لَا يَرِثَانِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَمْنَعُونَ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزَّوَاجِ؟ وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ تَرْكِ أَصْلِهِمْ الْفَاسِدِ ضَرُورَةً أَوْ التَّنَاقُضُ.

وَقَالُوا: قِسْنَا نِكَاحَ الْمَرِيضِ عَلَى طَلَاقِهِ؟ فَقُلْنَا: قِسْتُمْ الْخَطَأَ عَلَى الْخَطَأِ، ثُمَّ أَخْطَأْتُمْ فِي الْقِيَاسِ، لِأَنَّكُمْ أَجَزْتُمْ طَلَاقَ الْمَرِيضِ وَوَرَّثْتُمُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ إصَابَةَ الْقِيَاسِ فَأَجِيزُوا نِكَاحَهُ، وَامْنَعُوهُ الْمِيرَاثَ مَعَ ذَلِكَ - وَهَذَا مِمَّا تَرَكَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ الْقِيَاسَ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمْ أَصْلٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ.

وَمِنْ الْعَجَائِبِ أَنَّ مَالِكًا يَفْسَخُ نِكَاحَ الْأَمَةِ الْفَارَّةِ، كَمَا يَفْسَخُ نِكَاحَ الصَّحِيحَةِ لِلْمَرِيضِ، وَلَا يَدَعُ لِلْفَارَّةِ مِمَّا سُمِّيَ لَهَا إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَيَجْعَلُ لِلَّتِي تَزَوَّجَتْ الْمَرِيضَ جَمِيعَ مَهْرِ مِثْلِهَا - فَهَلْ يُسْمَعُ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا التَّحَكُّمِ بِلَا بُرْهَانٍ

[مَسْأَلَةٌ حَمَلَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زِنًى أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَفْسُوخٍ]

؟ ١٨٦٩ - مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ حَمَلَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زِنًى، أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَفْسُوخٍ، أَوْ كَانَ نِكَاحًا صَحِيحًا فَفَسْخٌ لِحَقٍّ وَاجِبٍ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَحَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا، فَلِكُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، إلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، كُلُّ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ، أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَهَاتَانِ لَا يَحِلُّ لَهُمَا الزَّوَاجُ أَلْبَتَّةَ حَتَّى يَضَعَا حَمْلَهُمَا، وَحَاشَا الْمُعْتَقَةَ الْحَامِلَةَ تَخْتَارُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ نِكَاحَ هَذِهِ مَفْسُوخٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الْحَامِلَ الْمُطَلَّقَةَ، أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا: هِيَ مُعْتَدَّةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نِكَاحَ الْمُعْتَدَّةِ جُمْلَةً حَتَّى تَتِمَّ عِدَّتُهَا.

وَأَمَّا سَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا فَلَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ إيجَابُ عِدَّةٍ عَلَيْهِنَّ، وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُنَّ، إلَّا عَلَى الْمُعْتَقَةِ تَخْتَارُ نَفْسَهَا فَقَطْ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مِنْ عِدَّةٍ، وَلَا ذَاتِ زَوْجٍ، فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ، وَلَا نَصٌّ يَمْنَعُ هَهُنَا مِنْ الزَّوَاجِ، وَلَا يَحِلُّ بِالنَّصِّ وَطْءُ حَامِلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْهُ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا -: فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَبُو يُوسُفَ - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ -: لِلْحَامِلِ مِنْ زِنًى أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>