وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَإِنْ خَرَجَتْ إلَيْنَا الْحَرْبِيَّةُ مُسْلِمَةً - وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا - فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا - وَقَالَ زُفَرُ عَلَى الزَّانِيَةِ الْعِدَّةُ كَامِلَةً.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَتَزَوَّجُ الْحَامِلُ مِنْ زِنًى حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَلَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، إلَّا حَتَّى تَعْتَدَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: خَطَبْت إلَى رَجُلٍ أُخْتَهُ، فَذَكَرَ أَنَّهَا أَحْدَثَتْ - يَعْنِي زَنَتْ - فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَضَرَبَهُ أَوْ كَادَ يَضْرِبُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَلِلْخَبَرِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بِهَذَا الْخَبَرِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَفِيهِ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: انْكِحْ وَاسْكُتْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا عُمَرُ أَمَرَهَا بِالنِّكَاحِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ حَتَّى تُتِمَّ عِدَّةً، وَلَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا -: وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَزَوَّجَ سِبَاعُ بْنُ ثَابِتٍ بِنْتَ مَوْهَبِ بْنِ رَبَاحٍ وَلَهُ ابْنٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَهَا بِنْتٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَفَجَرَ الْغُلَامُ بِالْجَارِيَةِ، فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَسُئِلَتْ فَاعْتَرَفَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاعْتَرَفَا، فَحَدَّهُمَا وَحَرَّضَ عَلَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَأَبَى الْغُلَامُ.
فَهَذَا عُمَرُ يُبِيحُ لِلْحَامِلِ مِنْ زِنًى الزَّوَاجَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا لَوْ ظَفِرُوا بِهِ.
وَشَغَبَ الْمُخَالِفُونَ بِأَنْ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]
وَبِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ نَضْرَةُ بْنُ أَكْثَمَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا غَشِيَهَا وَجَدَهَا حُبْلَى، فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا، وَأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا عَبْدٌ لَهُ، وَأَمَرَ بِهَا فَجُلِدَتْ مِائَةً، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا عَجَبَ أَعْجَبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَا الْخَبَرِ أَوَّلَ مُخَالِفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute