لِكُلِّ مَا فِيهِ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَوْ انْسَنَدَ لَقُلْنَا بِهِ، وَلَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ سَعِيدٍ وَنَضْرَةَ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُنْقَطِعٍ.
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَالُ لَهُ: نَضْرَةُ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ حُبْلَى، فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ، وَإِذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدُوهَا» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَمْ يَذْكُرْ هَهُنَا تَفْرِيقًا، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى أَنْ يُمَوِّهَ بِإِسْنَادِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ سَمَاعٌ مِنْ نَصْرَةَ أَوْ نَضْرَةَ، فَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] فَإِنَّمَا جَاءَ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وَهَذَا مَرْدُودٌ عَلَى أَوَّلِ السُّورَةِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَمَحْمُولٌ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] الْآيَاتِ كُلِّهَا.
وَإِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِخَبَرِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ.
وَقَالُوا: قِسْنَا الْمُنْفَسِخَةَ النِّكَاحَ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ لِفَسَادِهِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ؟ قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ إنَّمَا هُوَ أَنْ يَحْكُمَ لِلشَّيْءِ بِحُكْمِ نَظِيرِهِ، وَلَيْسَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ الْحَلَالُ نَظِيرًا لِلْفَاسِدِ الْحَرَامِ، الَّذِي لَا يَحِلُّ عَقْدُهُ، وَلَا إقْرَارُهُ، بَلْ هُوَ ضِدُّهُ، فَهُوَ بَاطِلٌ لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ.
وَأَمَّا الَّتِي انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ، فَإِنَّ الْفَسْخَ لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا الْفَسْخُ فَلَا يُرَاعَى اخْتِيَارُهُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْحَامِلُ مِنْ سَيِّدِهَا: يَمُوتُ عَنْهَا، أَوْ يَعْتِقُهَا أَوْ تَحْمِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute