أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عِتْقَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ» ، وَهَذَانِ إسْنَادَانِ صَحِيحَانِ وَوَجَبَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ جَنِينَ أَمَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ عَتَقَتْ هِيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُهَا وَشَيْءٌ مِنْهَا.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ نا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِخَادِمِهِ: فَرْجُك حُرٌّ قَالَ: هِيَ حُرَّةٌ أَعْتَقَ مِنْهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَهِيَ حُرَّةٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: إذَا أَعْتَقَ مِنْ غُلَامِهِ شَعْرَةً، أَوْ أُصْبُعًا: فَقَدْ عَتَقَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أُصْبُعُك حُرٌّ أَوْ ظُفْرُك أَوْ عُضْوٌ مِنْك حُرٌّ: عَتَقَ كُلُّهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَنْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدِهِ عُضْوًا: عَتَقَ كُلُّهُ، مِيرَاثُهُ مِيرَاثُ حُرٍّ، وَشَهَادَتُهُ شَهَادَةُ حُرٍّ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَالشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا - نَاقَضَ فَقَالَ: إنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ مِنْ عَبْدِهِ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ: عَتَقَ مَا سَمَّى، وَلَا يُعْتَقُ بِذَلِكَ سَائِرُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ حَاشَ زُفَرَ: لَا يَجِبُ الْعِتْقُ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ إلَّا فِي ذِكْرِهِ عِتْقَ الرَّقَبَةِ، أَوْ الْوَجْهِ، أَوْ الرَّوْحِ، أَوْ النَّفْسِ، أَوْ الْجَسَدِ، أَوْ الْبَدَنِ، فَأَيُّ هَذِهِ أَعْتَقَ أُعْتِقَ جَمِيعُهُ
وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي عِتْقِهِ: الرَّأْسَ، أَوْ الْفَرْجَ، أَيُعْتَقُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ أَلْفَاظٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْجَمِيعِ، قَالَ: لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ " بِالْوَجْهِ " عَنْ الْجَمِيعِ فِي اللُّغَةِ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ، وَصَاحِبًا لَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ هَذَا إذَا وَافَقَهُمْ، وَمَا نَعْلَمُ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ مُتَقَدِّمًا قَبْلَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: إنْ قَالَ: ظُفْرُك حُرٌّ، لَمْ يَجِبْ الْعِتْقُ بِذَلِكَ، لَا لِأَنَّهُ يُبَايِنُ حَامِلَهُ - وَكُلُّ هَذَا لَا شَيْءَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة عِتْق الْعَبْد الْمُشْتَرَك]
١٦٦٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ كُلَّهُ، أَوْ