الْقَوَدَ؟ أَقَدْنَا لَهُ مِنْ حِينِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ فَإِنْ تَآكَلَتْ الْيَدُ فَذَهَبَتْ وَبَرِئَ، فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْ الْيَدِ؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِعُدْوَانٍ وَظُلْمٍ.
وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَحَهُ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَتْ مِنْهَا عَيْنَاهُ اُقْتُصَّ لَهُ مِنْ الْمُوضِحَةِ وَمِنْ الْعَيْنَيْنِ مَعًا وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ - فَلَوْ مَاتَ مِنْهَا قُتِلَ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَوَلَّدَ مِنْ جِنَايَةِ عُدْوَانٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَمَّا تَعْجِيلُ الْقِصَاصِ مِنْ الْأُصْبُعِ وَالْمُوضِحَةِ؟ فَنَعَمْ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَوَدُ فِي النَّفْسِ وَاجِبٌ أَيْضًا.
وَأَمَّا ذَهَابُ الْعَيْنَيْنِ وَالْيَدِ فَقَطْ فَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ الدِّيَةُ فَقَطْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا خَطَأٌ وَمُنَاقَضَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا تَوَلَّدَ عَنْ جِنَايَتِهِ مِنْ ذَهَابِ نَفْسٍ، أَوْ ذَهَابِ عُضْوٍ؟ إذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَصُّ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ، وَلَا نَظَرٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ.
فَلَوْ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ قَطَعَ كَفَّ نَفْسِهِ، خَوْفَ سِرَايَةِ الْأَكَلَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ ذَهَابَ الْيَدِ كَانَ بِاخْتِيَارِ قَاطِعِهَا، لَا مِنْ فِعْلِهِ، وَلَعَلَّهَا لَوْ تَرَكَهَا تَبْرَأُ - فَلَوْ قَطَعَ إنْسَانٌ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفَانِ، فَإِنْ قَطَعَ كُلَّ طَرَفٍ فِي أَصْلِهِ قُطِعَ مِنْ يَدِهِ أُنْمُلَتَانِ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَطَعَ فِي الْأُصْبُعِ قَبْلَ افْتِرَاقِ الْأُنْمُلَتَيْنِ: قُطِعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقَطْ، وَلَا مَزِيدَ، وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي الْأُنْمُلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] .
فَالْوَاجِبُ أَنْ يُوضَعَ مِنْهُ الْحَدِيدُ حَيْثُ وُضِعَ، وَيُذَاقَ مِنْ الْأَلَمِ مَا أَذَاقَ وَلَا مَزِيدَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهُ فِي الْأُصْبُعِ الْقَوَدُ، وَلَهُ فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحُكُومَةُ غَرَامَةُ مَالٍ وَالْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ.
[مَسْأَلَةٌ هَدَمَ بَيْتًا عَلَى إنْسَانٍ أَوْ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ وَهُوَ رَاقِدٌ فَقَطَعَ رَأْسَهُ]
٢١٤٢ - مَسْأَلَةٌ - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَنْ هَدَمَ بَيْتًا عَلَى إنْسَانٍ أَوْ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ - وَهُوَ رَاقِدٌ - فَقَطَعَ رَأْسَهُ، أَوْ قَالَ: هَدَمْت الْبَيْتَ؟ وَهُوَ قَدْ كَانَ مَاتَ بَعْدُ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute