للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ الرَّسُولَ، إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَأَعْطَوْهُ أُسَرَاءَ مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَحَرَائِرِهِمْ عَطِيَّةً، فَهُمْ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ لَهُ يَطَأُ وَيَبِيعُ كَسَائِرِ مَا يَمْلِكُ، شَاهَ وَجْهُ هَذَا الْمُفْتِي وَمَنْ اتَّبَعَهُ عَلَى هَذَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ قَوْلًا آخَرَ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي اللَّقِيطِ، قَالَ: لَهُ نِيَّتُهُ إنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَهُوَ عَبْدٌ.

وَقَوْلُنَا: بِأَنَّهُ لَا رِقَّ عَلَيْهِ -: هُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ - وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَعَهِدِنَا بِهِمْ يَقُولُونَ فِيمَا خَالَفَ الْأُصُولَ، وَالْقِيَاسَ إذَا وَافَقَ آرَاءَهُمْ: مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، فَهَلَّا قَالُوا هَهُنَا هَذَا؟ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[مَسْأَلَةٌ مَا وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مِنْ مَالٍ]

١٣٨٦ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَا وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَمْلِكُ، وَكُلُّ مَنْ يَمْلِكُ فَكُلُّ مَا كَانَ بِيَدِهِ فَهُوَ لَهُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ

[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى أَنَّ اللَّقِيطَ ابْنُهُ]

١٣٨٧ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ مَنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ اللَّقِيطَ ابْنُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا: صُدِّقَ، إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ حَقًّا، فَإِنْ تُيُقِّنَ كَذِبُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الْوِلَادَاتِ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِقَوْلِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَهَكَذَا أَنْسَابُ النَّاسِ كُلِّهِمْ، مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ الْكَذِبُ.

وَإِنَّمَا قُلْنَا - لِلْمُسْلِمِينَ - لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَعَلَى الْمِلَّةِ» وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى فِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ: «خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ» . وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٧٢] .

فَإِنْ ادَّعَاهُ كَافِرٌ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ فِي تَصْدِيقِهِ إخْرَاجَهُ عَنْ مَا قَدْ صَحَّ لَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا حَيْثُ أَجَازَهُ النَّصُّ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ كَافِرٍ مِنْ كَافِرَةٍ فَقَطْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِيمَا ذَكَرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>