عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ قَالَ: أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ آخُذَ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ الْعُشْرَ، وَمِنْ نَصَارَى أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفَ الْعُشْرِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَكَمَا لَمْ يُسْقِطْ أَخْذُ نِصْفِ الْعُشْرِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْجِزْيَةَ عَنْهُمْ فَكَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ أَخْذُ الْعُشْرِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ أَيْضًا الْجِزْيَةَ عَنْهُمْ، وَهَذَا أَصَحُّ قِيَاسٍ، لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَاسِ صَحِيحًا، فَقَدْ خَالَفُوا الْقِيَاسَ أَيْضًا، ثُمَّ لَوْ صَحَّ وَثَبَتَ لَكَانُوا قَدْ خَالَفُوهُ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ رَوَوْهُ عَنْهُ - أَوَّلُهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ - يَقُولُونَ كُلُّهُمْ: إنَّ بَنِي تَغْلِبَ قَدْ نَقَضُوا تِلْكَ الذِّمَّةَ؛ فَبَطَلَ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَرَوَوْا ذَلِكَ أَيْضًا - عَنْ عَلِيٍّ، فَخَالَفُوا: عُمَرَ وَعَلِيًّا، وَالْخَبَرَ الَّذِي بِهِ احْتَجُّوا وَالْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ - فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ كُلِّ كِتَابِيٍّ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهَا، كَهَجَرَ، وَالْيَمَنِ، وَغَيْرِهِمَا - وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَالْقِيَاسَ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ.
[مَسْأَلَةٌ الزَّكَاةُ مِمَّا يَتَّجِرُ بِهِ]
٧٠٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَكَاةٍ وَلَا تَعْشِيرَ مِمَّا يَتَّجِرُ بِهِ تُجَّارُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا مِنْ كَافِرٍ أَصْلًا - تَجَرَ فِي بِلَادِهِ أَوْ فِي غَيْرِ بِلَادِهِ - إلَّا أَنْ يَكُونُوا صُولِحُوا عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْجِزْيَةِ فِي أَصْلِ عَقْدِهِمْ، فَتُؤْخَذُ حِينَئِذٍ مِنْهُمْ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِي الْعُرُوضِ - لِتِجَارَةٍ كَانَتْ أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ - وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ فَقَطْ؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صُلْحًا مَعَ الْجِزْيَةِ فَهُوَ حَقٌّ وَعَهْدٌ صَحِيحٌ، وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ صِحَّةِ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِالْجِزْيَةِ وَالصِّغَارِ، مَا لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا سَافَرُوا نِصْفُ الْعُشْرِ فِي الْحَوْلِ مَرَّةً فَقَطْ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرُ إذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلَا؛ إلَّا إنْ كَانُوا لَا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا شَيْئًا فَلَا نَأْخُذُ مِنْ تُجَّارِهِمْ شَيْئًا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute