للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْعُشْرُ إذَا تَجَرُوا إلَى غَيْرِ بِلَادِهِمْ - مِمَّا قَلَّ أَوْ كَثُرَ - إذَا بَاعُوا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ سُفْرَةٍ كَذَلِكَ، وَلَوْ مِرَرًا فِي السَّنَةِ، فَإِنْ تَجَرُوا فِي بِلَادِهِمْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ شَيْءٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ كَذَلِكَ إلَّا فِيمَا حَمَلُوا إلَى الْمَدِينَةِ خَاصَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبِ خَاصَّةً، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إلَّا نِصْفُ الْعُشْرِ فَقَطْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: كُنْتُ أَعْشُرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْصَافَ عُشْرِ أَمْوَالِهِمْ فِيمَا تَجَرُوا بِهِ؟ وَبِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: خُذْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَمِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمِ دِرْهَمًا.

وَمِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: أَمَرَنِي عُمَرُ بِأَنْ آخُذَ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ الْعُشْرَ، وَمِنْ نَصَارَى أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفَ الْعُشْرِ.

وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ زَمَانَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ النَّبَطِ الْعُشْرَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَيْضًا - فَرُبَّ قَضِيَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا آنِفًا، وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ حُكْمِ عُمَرُ حُجَّةً وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَأَيْضًا - فَإِنَّ هَذِهِ الْآثَارَ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ عُمَرَ، فِي بَعْضِهَا الْعُشْرُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَفِي بَعْضِهَا نِصْفُ الْعُشْرِ، فَمَا الَّذِي جَعَلَ بَعْضَهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَقَدْ خَالَفَ الْمَالِكِيُّونَ هَذِهِ الْآثَارَ فِي تَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ تِجَارَتِهِمْ فِي أَقْطَارِ بِلَادِهِمْ أَوْ غَيْرِهَا، وَخَالَفَهَا الْحَنَفِيُّونَ فِي وَضْعِهِمْ ذَلِكَ مَرَّةً فِي الْعَامِ فَقَطْ، وَذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ خَبَرًا فَاسِدًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ: أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى أَيُّوبَ بْنِ شُرَحْبِيلَ: خُذْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا، وَمِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>