قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَمَنْ خَرَجَ وَلَمْ يُوَدِّعْ مِنْ غَيْرِ الْحَائِضِ فَقَدْ تَرَكَ فَرْضًا لَازِمًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ قَوْمًا نَفَرُوا وَلَمْ يُوَدِّعُوا فَرَدَّهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى وَدَّعُوا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَلَمْ يَخُصَّ عُمَرُ مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: بِتَحْدِيدِ مَكَان إذَا بَلَغَهُ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ - وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يُوجِبْهُ نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ: رَدَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نِسَاءً مِنْ ثَنِيَّةَ هَرْشَى كُنَّ أَفَضْنَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ حِضْنَ فَنَفَرْنَ فَرَدَّهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ وَيَطُفْنَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ بَلَغَ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ حَدِيثٌ غَيْرُ مَا صَنَعَ فَتَرَكَ صُنْعَهُ الْأَوَّلَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَرْشَى هِيَ نِصْفُ الطَّرِيقِ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ بَيْنَ الْأَبْوَاءِ وَالْجُحْفَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنْ الْأَبْوَاءِ وَبِهَا عَلَمَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَامَةً؛ لِأَنَّهُ نِصْفُ الطَّرِيقِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَثَرٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَفْتَيَاهُ فِي الْمَرْأَةِ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ تَحِيضُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ» ".
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ؛ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ دَاخِلًا فِي جُمْلَةِ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ لَا يَنْفِرَ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ - وَعُمُومُهُ، وَكَأَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْحَائِضَ الَّتِي أَفَاضَتْ بِأَنْ تَنْفِرَ حُكْمًا زَائِدًا مَبْنِيًّا عَلَى النَّهْيِ الْمَذْكُورِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ لِيُسْتَعْمَلَ الْخَبَرَانِ مَعًا وَلَا يُخَالَفَ شَيْءٌ مِنْهُمَا - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
[تَرْكُ شَيْء مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ السَّعْيِ]
وَأَمَّا قَوْلُنَا: مَنْ تَرَكَ عَمْدًا أَوْ بِنِسْيَانٍ شَيْئًا مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ مِنْ السَّعْيِ الْوَاجِبِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلْيَرْجِعْ أَيْضًا - كَمَا ذَكَرْنَا - مُمْتَنِعًا مِنْ النِّسَاءِ حَتَّى يَطُوفَ [بِالْبَيْتِ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute