فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ تِلْكَ الْمَخَافَةَ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الضِّبَابِ أَنْ تَكُونَ مِمَّا مُسِخَ قَدْ ارْتَفَعَتْ، وَصَحَّ أَنَّ الضِّبَابَ لَيْسَتْ مِمَّا مُسِخَ، وَلَا مِمَّا مُسِخَ شَيْءٌ فِي صُوَرِهَا -: فَحَلَّتْ. ثُمَّ وَجَدْنَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتَ مَيْمُونَةَ: فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ» . فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى تَحْلِيلِهِ، وَهَذَا هُوَ الْآخَرُ النَّاسِخُ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ بِلَا شَكٍّ لَمْ يَجْتَمِعْ قَطُّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ، وَحُنَيْنٍ، وَالطَّائِفِ، وَلَمْ يَغْزُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَهَا إلَّا تَبُوكَ، وَلَمْ تُصِبْهُمْ فِي تَبُوكَ مَجَاعَةٌ أَصْلًا. وَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ خَبَرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ كَانَ قَبْلَ هَذَا الْخَبَرِ بِلَا مِرْيَةٍ فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً وَصَحَّتْ إبَاحَتُهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ -: وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْأَرْنَبُ]
١٠٣٣ - مَسْأَلَةٌ: وَالْأَرْنَبُ حَلَالٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهَا، وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهَا؛ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ أَوْ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ الْأَرْنَبَ. وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبَاهُ كَرِهَا الْأَرْنَبَ - وَأَكَلَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ كَرِهَ الْأَرْنَبَ. وَاحْتَجَّ مَنْ كَرِهَهَا بِخَبَرٍ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا أَبُو مَكِينٍ عَنْ عِكْرِمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِأَرْنَبٍ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهَا تَحِيضُ فَكَرِهَهَا» . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: «سَأَلَ جَرِيرُ بْنُ أَنَسٍ الْأَسْلَمِيُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْأَرْنَبِ؟ فَقَالَ: لَا آكُلُهَا أُنْبِئْتُ أَنَّهَا تَحِيضُ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ - هَالِكٌ - وَحَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرْسَلٌ، وَقَدْ صَحَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute