وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْتَبْدِلُ الزَّائِفَ، وَيُبْطِلُ مِنْ الصَّفْقَةِ بِقَدْرِ مَا وَجَدَ مِنْ السَّتُّوقِ، وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَسْتَبْدِلُ كُلَّ ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ فِي هَذِهِ كَالَّتِي قَبْلَهَا وَلَا فَرْقَ.
[مَسْأَلَة مَا يَشْتَرِط فِي السَّلَم]
١٦١٧ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَا فِي السَّلَمِ دَفْعَهُ فِي مَكَان بِعَيْنِهِ، فَإِنْ فَعَلَا فَالصَّفْقَةُ كُلُّهَا فَاسِدَةٌ وَكُلَّمَا قُلْنَا أَوْ نَقُولُ: إنَّهُ فَاسِدٌ، فَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا، مَحْكُومٌ فِيهِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ.
وَبُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ»
لَكِنَّ حَقَّ السَّلَمِ قِبَلَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَحَيْثُ مَا لَقِيَهُ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَلَهُ أَخْذُهُ، يَدْفَعُ حَقَّهُ إلَيْهِ، فَإِنْ غَابَ أَنْصَفَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إنْ وُجِدَ لَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] فَهُوَ مَأْمُورٌ بِأَدَاءِ أَمَانَتِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَيُسْأَلُهَا.
وَالْمَشْهُورُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السَّلَمَ يَبْطُلُ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَكَانُ الْإِيفَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: مَالُهُ مُؤْنَةٌ وَحِمْلٌ فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ، إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ مَوْضِعَ الدَّفْعِ، وَمَا لَيْسَ لَهُ حِمْلٌ وَلَا مُؤْنَةٌ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ مَوْضِعَ الدَّفْعِ.
وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهَا، فَهِيَ فَاسِدَةٌ.
[مَسْأَلَة الشَّرْط فِي السَّلَم]
١٦١٨ - مَسْأَلَةٌ: وَاشْتِرَاطُ الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ يَفْسُدُ بِهِ السَّلَمُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ فِيهِ فَجَائِزٌ، لِمَا ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الرَّهْنِ " فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ وَمِمَّنْ أَبْطَلَ بِهِ الْعَقْدَ ابْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَغَيْرُهُمَا.
[مَسْأَلَة السَّلَم فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير]
١٦١٩ - مَسْأَلَةٌ: وَالسَّلَمُ جَائِزٌ فِي الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ إذَا سُلِّمَ فِيهِمَا عَرَضًا؛ لِأَنَّهُمَا وَزْنٌ مَعْلُومٌ، فَهُوَ حَلَالٌ بِنَصِّ كَلَامِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً أَصْلًا.
وَمِنْ السَّلَمِ الْجَائِزِ: أَنْ يُسَلَّمَ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ وَتَمْلِيكُهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ