بَيْعُهُ، أَوْ جَازَ بَيْعُهُ فِي لَحْمٍ مِنْ صِنْفِهِ إنْ كَانَ يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِهِ، أَوْ فِي لَحْمٍ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ كَتَسْلِيمِ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ كَلْبٍ، أَوْ سِنَّوْرٍ، أَوْ كَبْشٍ؛ أَوْ تَيْسٍ، أَوْ بَعِيرٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، أَوْ أُيَّلٍ، أَوْ دَجَاجٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي لَحْمِ كَبْشٍ، أَوْ لَحْمِ ثَوْرٍ، أَوْ لَحْمِ تَيْسٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ سَلَفٌ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
وَلَا يَجُوزُ السَّلَفُ فِي الْحَيَوَانِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ.
وَجَائِزٌ أَنْ يُسَلَّمَ الْبُرُّ فِي دَقِيقِ الْبُرِّ، وَدَقِيقُ الْبُرِّ فِي الْبُرِّ، مُتَفَاضِلًا وَكَيْفَ أَحَبَّا وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ فِي الزَّيْتُونِ وَالزَّيْتُونُ فِي الزَّيْتِ وَاللَّبَنُ فِي اللَّبَنِ، وَكُلُّ شَيْءٍ حَاشَا مَا بَيَّنَّا فِي " كِتَابِ الرِّبَا " وَهُوَ الذَّهَبُ فِي الْفِضَّةِ أَوْ الْفِضَّةُ فِي الذَّهَبِ فَلَا يَحِلُّ أَصْلًا أَوْ التَّمْرُ، وَالشَّعِيرُ، وَالْبُرُّ، وَالْمِلْحُ فَلَا يَحِلُّ أَنْ يُسَلَّفَ صِنْفٌ مِنْهَا، لَا فِي صِنْفِهِ وَلَا فِي غَيْرِ صِنْفِهِ مِنْهَا خَاصَّةً، وَكُلُّهَا يُسَلَّفُ فِيمَا لَيْسَ مِنْهَا مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، وَحَاشَ الزَّرْعَ أَيُّ زَرْعٍ كَانَ، فَلَا يَجُوزُ تَسْلِيفُهُ فِي الْقَمْحِ أَصْلًا، وَحَاشَا الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ فَلَا يَجُوزُ تَسْلِيفُ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ كَيْلًا، وَيَجُوزُ تَسْلِيفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ وَزْنًا لِمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي " كِتَابِ الرِّبَا " فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
وَمِمَّا يَجْمَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» فَلَمْ يَسْتَثْنِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، حَاشَا الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فَقَطْ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤]
{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] .
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
وَ {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] .
وَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]
فَمَنْ حَرَّمَ مَا لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ شَرَعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَمَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْهُ أَوْ أَضَافَ إلَيْهِ مَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُخَالِفُونَ لَنَا: فَأَبُو حَنِيفَةَ يُجِيزُ أَنْ يُسَلَّمَ كُلُّ مَا يُكَالُ فِي كُلِّ مَا يُوزَنُ، فَيُجِيزُ هُوَ وَسُفْيَانُ تَسْلِيمَ الْقَمْحِ فِي اللَّحْمِ، وَاللَّحْمِ فِي الْقَمْحِ.