وَقَدْ لَاحَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَنَا ثَابِتٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا أَوْرَدْنَا، وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - خِلَافُهُ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
[مَسْأَلَة لَيْسَ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى]
١٧٨٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَيْسَ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ فَقَطْ، كَيْفَمَا شَاءَ مِنْ قُعُودٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْوَالِ، وَلَا يُبَالِي إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَ وَجْهُهُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: فَرُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ الْعِرَاقِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، فَكَتَبَ عُمَرُ إلَى عَامِلِهِ أَنْ يُوَافِيَهُ الرَّجُلُ بِمَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ، فَفَعَلَ، فَأَتَاهُ الرَّجُلُ - وَعُمَرُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ - فَقَالَ لِعُمَرَ: أَنَا الرَّجُلُ الَّذِي أَمَرْتَ أَنْ أُجْلَبَ عَلَيْكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْشُدُك بِرَبِّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ مَا أَرَدْت بِقَوْلِك " حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ " الْفِرَاقَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: لَوْ اسْتَحْلَفْتَنِي فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ مَا صَدَقْتُك؟ أَرَدْت بِذَلِكَ الْفِرَاقَ قَالَ عُمَرُ: هُوَ مَا أَرَدْتَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَقَالَ: أَرَدْت الطَّلَاقَ ثَلَاثًا، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، فَسَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ بِأَنْ يُوَافِيَهُ بِالْمَوْسِمِ، فَوَافَاهُ - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَمِنْ طَرِيقِ الْكَشْوَرِيِّ عَنْ الْحُذَافِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: اسْتَحْلَفَ مُعَاوِيَةُ فِي دَمٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَنْكَرَ التَّحْلِيفَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ إلَّا فِي دَمٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَالِ.
وَأَمَّا فِعْلُ مُعَاوِيَةَ الْمَذْكُورُ: فَإِنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَحْلَفَ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute