للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ فَرْضِ الْحَجِّ وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا أَنْ لَا تُؤَدَّى إلَّا كَمَا أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ - تَعَالَى - دِينًا غَيْرَهُ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمَرْنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

وَالصَّابِئُ إنَّمَا حَجَّ كَمَا أَمَرَهُ يوراسف، أَوْ هُرْمُسُ فَلَا يُجْزِئُهُ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ. وَيَلْزَمُ مَنْ أَسْقَطَ حَجَّهُ بِرِدَّتِهِ أَنْ يُسْقِطَ إحْصَانَهُ، وَطَلَاقَهُ الثَّلَاثَ، وَبَيْعَهُ، وَابْتِيَاعَهُ، وَعَطَايَاهُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا؛ فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - نَتَأَيَّدُ.

[مَسْأَلَةٌ لُقَطَة الْحَرَمِ]

٩١٨ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا تَحِلُّ لُقَطَةٌ فِي حَرَمِ مَكَّةَ، وَلَا لُقَطَةُ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، مُذْ يُحْرِمُ إلَى أَنْ يُتِمَّ جَمِيعَ عَمَلِ حَجِّهِ.

إلَّا لِمَنْ يَنْشُدُهَا أَبَدًا لَا يُحَدُّ تَعْرِيفُهَا بِعَامٍ وَلَا بِأَكْثَرَ وَلَا بِأَقَلَّ، فَإِنْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهَا قَطْعًا مُتَيَقِّنًا حَلَّتْ حِينَئِذٍ لِوَاجِدِهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ اللُّقَطَاتِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ الْعَامِ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٌ نَا الْأَوْزَاعِيُّ نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْسَتْ هَذِهِ إلَّا صِفَةَ الْحَرَمِ لَا الْحِلِّ.

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا وَفِيهِ «فَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَأَحَلَّهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْمُنْشِدِ وَأَوْجَبَ تَعْرِيفَهَا بِغَيْرِ تَحْدِيدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>