قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَحَضَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْعُمْرَةِ وَلَمْ يَحُدَّ لَهَا وَقْتًا مِنْ وَقْتٍ فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ؛ وَأَمَّا اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفَاسِدٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ عَلَى صِحَّتِهِ دُونَ سَائِرِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الْحَجُّ لَا يَجُوزُ إلَّا مَرَّةً فِي السَّنَةِ]
٨٢٠ - مَسْأَلَةٌ:
وَالْحَجُّ لَا يَجُوزُ إلَّا مَرَّةً فِي السَّنَةِ؛ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَنُحِبُّ الْإِكْثَارَ مِنْهَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ فَضْلِهَا؛ فَأَمَّا الْحَجُّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ.
وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ.
وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَ عُمْرَتَيْنِ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ.
وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي عَامٍ وَاحِدٍ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: كَرَاهَةُ الْعُمْرَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ فِي السَّنَةِ؛ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
وَرُوِّينَا عَنْ طَاوُسٍ: إذَا مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَاعْتَمِرْ مَتَى شِئْت.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: اعْتَمِرْ مَتَى أَمْكَنَك الْمُوسَى.
وَعَنْ عَطَاءٍ إجَازَةُ الْعُمْرَةِ مَرَّتَيْنِ فِي الشَّهْرِ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَرَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرَّةً فِي رَجَبٍ، وَمَرَّةً فِي شَوَّالٍ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ أَقَامَ مُدَّةً بِمَكَّةَ فَكُلَّمَا جَمَّ رَأْسُهُ خَرَجَ فَاعْتَمَرَ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَبِهِ نَأْخُذُ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَعْمَرَ عَائِشَةَ