وَأَقْرِبَائِهِ - وَلَمْ يَخْتَلِفْ النَّاسُ فِي أَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولَةٌ - دُونَ آخَرَ مَعَهُ دُونَ يَمِينٍ - تَلْزَمُهُ، سَوَاءٌ كَانَ فَاسِقًا، أَوْ عَدْلًا - مُؤْمِنًا كَانَ أَوْ كَافِرًا - وَأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى غَيْرِهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ، وَبِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ غَيْرُهُ، أَوْ يَمِينُ الطَّالِبِ - عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ - وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا مِنْ حُرٍّ، فَلَمَّا وَرَدَ هَذَانِ النَّصَّانِ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي اسْتِعْمَالِهِمَا؟ فَوَجَدْنَا أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: هُوَ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ، كَاسِبٌ عَلَى غَيْرِهِ: فَلَا يُقْبَلُ، وَوَجَدْنَا مَنْ خَالَفَهُمْ بِقَوْلٍ: بَلْ هُوَ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ، كَاسِبٌ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى نَقْصٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ الشَّهَادَةَ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ؟ فَنَظَرْنَا فِي هَذَيْنِ الِاسْتِعْمَالَيْنِ - إذْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِعْمَالِ أَحَدِهِمَا - فَوَجَدْنَا قَوْلَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّهُ كَاسِبٌ عَلَى غَيْرِهِ إنَّمَا يَصِحُّ بِوَاسِطَةٍ، وَبِإِنْتَاجٍ، لَا بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ؟ وَوَجَدْنَا قَوْلَ مَنْ خَالَفَهُمْ يَصِحُّ بِنَفْسِ الْقِصَّةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِنَفْسِ لَفْظِهِ - وَهُوَ ظَاهِرُ مَقْصِدِهِ - وَإِنَّمَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى السَّيِّدِ بِتَأْوِيلٍ لَا بِظَاهِرِ إقْرَارِهِ؟ فَكَانَ هَذَا أَصَحَّ الِاسْتِعْمَالَيْنِ، وَأَوْلَاهُمَا
وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوهُ أَصْحَابُنَا لَوَجَبَ أَنْ لَا يُحَدَّ الْعَبْدُ فِي زِنًى، وَلَا فِي سَرِقَةٍ، وَلَا فِي خَمْرٍ، وَلَا فِي قَذْفٍ، وَلَا فِي حِرَابَةٍ - وَإِنْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ - وَأَنْ لَا يُقْتَلَ فِي قَوَدٍ، لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَاسِبٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي الْحَدِّ عَلَيْهِ إتْلَافٌ لِمَالِ سَيِّدِهِ؟ وَهَذَا مَا لَا يَقُولُونَهُ، لَا هُمْ وَلَا غَيْرُهُمْ
[مَسْأَلَة مَنْ قَالَ لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ عَبْدًا بِأَوَّلِ ذَنْبٍ]
٢١٨٦ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَالَ: لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ عَبْدًا بِأَوَّلِ ذَنْبٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بِسَارِقٍ؟ فَقَالَ: اقْطَعُوا يَدَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِيهَا يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَاَللَّهِ مَا سَرَقْت قَبْلَهَا؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: كَذَبْت، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا غَافَصَ اللَّهُ مُؤْمِنًا بِأَوَّلِ ذَنْبٍ يَعْمَلُهُ
وَبِهِ - إلَى ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِسَارِقٍ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا سَرَقْت قَبْلَهَا؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَذَبْت وَرَبِّ عُمَرَ، مَا أَخَذَ اللَّهُ عَبْدًا عِنْدَ أَوَّلِ ذَنْبٍ
وَبِهِ - إلَى ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمْعَانَ بِهَذَا، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute