الصَّلَاةِ نَفْسِهَا؛ وَهَذَا تَطَوُّعٌ مِنْهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا مِنْهُ، فَهُوَ مِنْ أَحَدِهِمْ الْمَأْمُورِينَ بِإِقَامَةِ الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَالْإِقَامَةِ لِمَنْ مَعَهُ، فَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُؤَدِّي فَرْضٍ، وَإِذَا تَأَدَّى الْفَرْضُ؛ فَالْأَذَانُ: فِعْلُ خَيْرٍ لَا يُمْنَعُ الصِّبْيَانُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَطَوُّعٌ وَبِرٌّ؟ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَيْسَ أَحَدَنَا وَلَا مُؤْمِنًا، وَإِنَّمَا أَلْزَمْنَا أَنْ يُؤَذِّنَ لَنَا أَحَدُنَا.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُؤَدِّ أَلْفَاظَ الْأَذَانِ مُتَعَمِّدًا فَلَمْ يُؤَذِّنْ كَمَا أُمِرَ، وَلَا أَتَى بِأَلْفَاظِ الْأَذَانِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا؛ فَهَذَا لَمْ يُؤَذِّنْ أَصْلًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ لِلُثْغَةٍ أَوْ لُكْنَةٍ أَجْزَأَ أَذَانُهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] فَهَذَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ إلَّا مَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَقَطْ، وَسَوَاءٌ كَانَ هُنَالِكَ مَنْ يُؤَدِّي أَلْفَاظَ الْأَذَانِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَانَ أَفْضَلَ لَوْ أَذَّنَ الْمُحْسِنُ؟ .
وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَإِنَّهُ أَحَدُنَا بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» وَلَا خِلَافَ فِي اخْتِيَارِ الْعَدْلِ، وَأَمَّا الصَّيِّتُ؛ فَلِأَنَّ الْأَذَانَ أَمْرٌ بِالْمَجِيءِ إلَى الصَّلَاةِ؛ فَإِسْمَاعُ الْمَأْمُورِينَ أَوْلَى؛ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي مَحْذُورَةَ «ارْجِعْ فَارْفَعْ صَوْتَكَ» وَهَذَا أَمْرٌ بِرَفْعِ الصَّوْتِ؛ فَلَوْ تَعَمَّدَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ لَمْ يُجْزِهِ أَذَانُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَكْثَرَ إلَّا بِمَشَقَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا قَدْ ذَكَرْنَا بِإِسْنَادِهِ، «إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ» فَالِاجْتِهَادُ فِي طَرْدِ الشَّيْطَانِ فِعْلٌ حَسَنٌ -، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟ .
وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إنْسٌ وَلَا جَانٌّ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مُسْنَدًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مَعًا]
٣٢٤ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مَعًا؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَالْمُؤَذِّنُ هُوَ الْمُبْتَدِئُ، وَالدَّاخِلُ عَلَيْهِ مُسِيءٌ لَا أَجْرَ لَهُ، وَمَا يَبْعُدُ عَنْهُ الْإِثْمُ، وَالْوَاجِبُ مَنْعُهُ؛ فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute