وَهَذَا مِثْلُ الصَّلَاةِ، يَعْجِزُ عَنْ بَعْضِهَا وَيَقْدِرُ عَلَى بَعْضِهَا، وَمِثْلُ الدِّينِ، يَقْدِرُ عَلَى بَعْضِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى سَائِرِهِ؟ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلُ الصَّوْمِ، يَعْجِزُ فِيهِ عَنْ تَمَامِ الْيَوْمِ، أَوْ تَمَامِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ؛ وَلَا مِثْلُ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ، وَالْإِطْعَامِ الْوَاجِبِ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَالْهَدْيِ الْوَاجِبِ، يَقْدِرُ عَلَى الْبَعْضِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى سَائِرِهِ؛ فَلَا يُجْزِئُهُ شَيْءٌ مِنْهُ. لِأَنَّ مَنْ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ صَاعٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ بَعْضَهُ ثُمَّ بَعْضَهُ ثُمَّ بَعْضَهُ. وَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الْيَوْمِ، وَلَا يُسَمَّى مَنْ لَمْ يُتِمَّ صَوْمَ الْيَوْمِ صَائِمَ يَوْمٍ، إلَّا حَيْثُ جَاءَ بِهِ النَّصُّ فَيُجْزِئُهُ حِينَئِذٍ؟ وَأَمَّا بَعْضُ الرَّقَبَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ بِتَعْوِيضِ الصِّيَامِ مِنْ الرَّقَبَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ فَلَمْ يَجُزْ تَعَدِّي النَّصِّ، وَكَانَ مُعْتِقُ بَعْضِ رَقَبَةٍ مُخَالِفًا لِمَا أُمِرَ بِهِ وَافْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّقَبَةِ التَّامَّةِ، أَوْ مِنْ الْإِطْعَامِ الْمُعَوِّضِ مِنْهَا، أَوْ الصِّيَامِ الْمُعَوِّضِ مِنْهَا. وَأَمَّا بَعْضُ الشَّهْرَيْنِ فَمِنْ بَعْضِهَا، أَوْ فَرَّقَهُمَا فَلَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ بِهِ مُتَتَابِعًا، فَهُوَ عَلَيْهِ أَوْ عَوَّضَهُ حَيْثُ جَاءَ النَّصُّ بِالتَّعْوِيضِ مِنْهُ. وَأَمَّا الْهَدْيُ فَإِنَّ بَعْضَ الْهَدْيِ مَعَ بَعْضِ هَدْيٍ آخَرَ لَا يُسَمَّى هَدْيًا، فَلَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ بِهِ؛ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ؟ وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَيُجْزِئُهُ مَا وَجَدَ مِنْهُ حَتَّى يَجِدَ بَاقِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مُرْتَبِطًا بِوَقْتٍ مَحْدُودِ الْآخِرِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ الْمَرْهُونِ وَالْآبِقِ وَالْغَائِبِ وَالْمَغْصُوبِ]
٧١٤ - مَسْأَلَةٌ: وَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى السَّيِّدِ عَنْ عَبْدِهِ الْمَرْهُونِ، وَالْآبِقِ، وَالْغَائِبِ، وَالْمَغْصُوبِ، لِأَنَّهُمْ رَقِيقُهُ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِتَخْصِيصِ هَؤُلَاءِ. وَلِلسَّيِّدِ إنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ أَوْ كَسْبٌ أَنْ يُكَلِّفَهُ إخْرَاجَ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مَالِهِ، لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَ مَالٍ مَتَى شَاءَ، وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْخَرَاجَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ مَا كُلِّفَهُ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا شَاءَ.
[مَسْأَلَةٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمَجْنُونِ]
٧١٥ - مَسْأَلَةٌ: وَالزَّكَاةُ لِلْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَجْنُونِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute