الْخَيْرِ، وَإِنْقَاذِ نَفْسِهِ مِنْ النَّارِ، وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا مُتَوَعَّدٌ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ " فَلَا يَحِلُّ مَنْعُهُمْ مِنْ الْقُرْبِ إلَّا بِنَصٍّ، وَلَا نَصَّ فِي ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة صَدَقَة التَّطَوُّع عَلَى الغني]
١٦٤٥ - مَسْأَلَةٌ: وَالصَّدَقَةُ لِلتَّطَوُّعِ عَلَى الْغَنِيِّ جَائِزَةٌ وَعَلَى الْفَقِيرِ، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَالْمُطَّلِبِ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ، وَلَا لِمَوَالِيهِمْ، حَاشَ " الْحَبْسِ " فَهُوَ حَلَالٌ لَهُمْ، وَلَا تَحِلُّ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى مَنْ أُمُّهُ مِنْهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا الْهِبَةُ، وَالْهَدِيَّةُ، وَالْعَطِيَّةُ، وَالْإِبَاحَةُ، وَالْمِنْحَةُ، وَالْعُمْرَى، وَالرُّقْبَى: فَكُلُّ ذَلِكَ حَلَالٌ لِبَنِي هَاشِمٍ، وَالْمُطَّلِبِ وَمَوَالِيهمْ - هَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ حَاشَ دُخُولِ بَنِي الْمُطَّلِبِ فِيهِمْ، وَحَاشَ دُخُولِ الْمَوَالِي فِيهِمْ، وَحَاشَ جَوَازِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لَهُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا أَجَازُوهَا لَهُمْ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ نَا شُعْبَةُ نَا الْحَكَمُ - هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ - عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ - هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ - عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَرَادَ أَبُو رَافِعٍ أَنْ يَتْبَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» .
فَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ صَدَقَةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا مُسَدَّدٌ نَا هُشَيْمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: إنَّا وَبَنُو الْمُطَّلِبِ لَا نَفْتَرِقُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» .
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» فَإِنْ أَخَذْتُمْ بِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ فَامْنَعُوهُمْ مِنْ كُلِّ بِرٍّ - وَهَذَا مَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَلَا أَنْتُمْ، وَإِلَّا فَلَا تَمْنَعُوهُمْ إلَّا مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ وَهُوَ صَدَقَةُ الْفَرْضِ فَقَطْ. قُلْنَا: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» قَدْ خَصَّهُ عَطَاؤُهُ لِبَنِي هَاشِمٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute