وَأَمَّا مَنْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ امْرَأَةِ أَبِيهِ مِنْ سَائِرِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ - كَأُمِّهِ الَّتِي وَلَدَتْهُ مِنْ زِنًى أَوْ بِعَقْدٍ بِاسْمِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَعَ أَبِيهِ - فَهِيَ أُمُّهُ وَلَيْسَتْ امْرَأَةَ أَبِيهِ، أَوْ أُخْتَهُ، أَوْ ابْنَتَهُ، أَوْ عَمَّتَهُ، أَوْ خَالَتَهُ أَوْ وَاحِدَةً مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ بِصِهْرٍ، أَوْ رَضَاعٍ - فَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ: هُوَ زَانٍ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَطْ، وَإِنْ أَحْصَنَ عَلَيْهِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ كَسَائِرِ الْأَجْنَبِيَّاتِ لِأَنَّهُ زَنَى، وَأَمَّا الْجَاهِلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
[مَسْأَلَة مِنْ أَحَلَّ لِآخَرَ فَرْجَ أَمَتِهِ]
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: سَوَاءٌ كَانَتْ امْرَأَةً أَحَلَّتْ أَمَتَهَا لِزَوْجِهَا، أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَحَلَّ أَمَتَهُ لِذِي رَحِمِهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَ ذَلِكَ: فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ سُفْيَانَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَطَأِ جِدًّا، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْوَلَدَ مَمْلُوكًا لِمَالِكِ أُمِّهِ، وَأَصَابَ فِي هَذَا، ثُمَّ جَعَلَهُ لَاحِقَ النَّسَبِ بِوَاطِئِ أُمِّهِ - وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ - لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» .
وَبَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ مَا هُوَ الْفِرَاشُ وَمَا هُوَ الْعِهْرُ؟ فَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] إلَى قَوْله تَعَالَى: {هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٧] .
فَهَذِهِ الَّتِي أَحَلَّ مَالِكُهَا فَرْجَهَا لِغَيْرِهِ لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ، وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ لِلَّذِي أَحَلَّتْ لَهُ - وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي أَحَلَّ الْفَرْجَ لَمْ يَهَبْ الرَّقَبَةَ وَلَا طَابَتْ نَفْسُهُ بِإِخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا رَضِيَ بِذَلِكَ قَطُّ، فَإِنْ كَانَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ مِنْ إبَاحَةِ الْفَرْجِ وَحْدَهُ حَلَالًا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute