للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَخْذِ الْحَقِّ وَالْمُبَاحِ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ أَصْلًا عَلَى إسْقَاطِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ أَخَذَ الْحَرَامَ غَيْرَ الْمُبَاحِ.

وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ، لَكَانَ شُرْبُ الْعَصِيرِ الْحَلَالِ مُسْقِطًا لِلْحَدِّ عَنْهُ، إذَا تَعَدَّى الْحَلَالَ مِنْهُ إلَى الْمُسْكِرِ الْحَرَامِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَهَا مَا أَخَذَتْ بِالْحَقِّ، وَعَلَيْهَا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْقَطْعِ فِيمَا أَخَذَتْ بِوَجْهِ السَّرِقَةِ لِلْحَقِّ الْوَاجِبِ حُكْمُهُ، وَلِلْمُبَاحِ حُكْمُهُ، وَلِلْبَاطِلِ الْمُحَرَّمِ حُكْمُهُ {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١] .

وَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ - سَوَاءٌ سَوَاءٌ - يَكُونُ لَهُ حُقُوقٌ عِنْدَ السَّارِقِ، فَمُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ وَمِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ الْحَقُّ مِنْ حِرْزٍ، أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ - نَعَمْ، وَيُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ إنْ مَنَعَهُ، وَيَحِلُّ لَهُ بِذَلِكَ دَمُهُ، وَهُوَ مَأْجُورٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَمَّدَ أَخْذَ مَا لَيْسَ لَهُ بِحَقٍّ، فَإِنْ تَعَمَّدَ أَخْذَهُ بِإِفْسَادِ طَرِيقٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ، لَهُ حُكْمُ الْمُحَارَبِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مُجَاهِرًا غَيْرَ مُفْسِدٍ فِي الْأَرْضِ فَلَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مُخْتَفِيًا فَلَهُ حُكْمُ السَّارِقِ، وَالْمُحَارَبِ.

هَذَا وَالزَّوْجَةُ فِي مَالِ زَوْجِهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ إذْ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ زَوْجَةٌ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، وَلَا يَكُونَ زَوْجٌ مِنْ مَالِ زَوْجَتِهِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

فَصَحَّ يَقِينًا - أَنَّ الْقَطْعَ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ ابْنِهِمَا، وَعَلَى الِابْنِ وَالْبِنْتِ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ أَبِيهِمَا، وَأُمِّهِمَا، مَا لَمْ يُبَحْ لَهُمَا أَخْذُهُ.

وَهَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ، أَوْ غَيْرِ مَحْرَمَةٍ، إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ذِي رَحِمِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذِي رَحِمِهِ، مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ أَخْذُهُ.

فَالْقَطْعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ أَخْذُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَا فَرْقَ - إذَا سَرَقَ مَا لَمْ يُبَحْ - وَهُوَ مُحْسِنٌ إنْ أَخَذَ مَا أُبِيحَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ حِرْزٍ، أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة هَلْ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ]

٢٢٨٤ - مَسْأَلَةٌ: هَلْ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>