يُقْبَلُ خَبَرُ الْآحَادِ الثِّقَاتِ الَّتِي لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهَا فِيمَا إذَا كَثُرَتْ بِهِ الْبَلْوَى، وَهَذَا أَمْرٌ تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى، وَلَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ، فَقَبِلُوا فِيهِ خَبَرًا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَهُمْ قَدْ رَدُّوا بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا خَبَرَ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، وَيَقُولُونَ: لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْآحَادِ الثِّقَاتِ إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ، وَرَدُّوا بِهَذَا حَدِيثَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَكَذَّبُوا مَا هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَلَا خِلَافَ لِلْقُرْآنِ أَكْثَرُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] فَقَالُوا هُمْ: إلَّا بَنِي تَغْلِبَ فَلَا يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ (وَلَا صَغَارَ عَلَيْهِمْ؛ بَلْ يُؤَدُّونَ الصَّدَقَةَ مُضَاعَفَةً؛ فَخَالَفُوا الْقُرْآنَ، وَالسُّنَنَ الْمَنْقُولَةَ نَقْلَ الْكَافَّةِ) بِخَبَرٍ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَالُوا: لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْآحَادِ الثِّقَاتِ إذَا خَالَفَ الْأُصُولَ، وَرَدُّوا بِذَلِكَ خَبَرَ الْقُرْعَةِ فِي الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ، وَخَبَرَ الْمُصَرَّاةِ، وَكَذَّبُوا مَا هُمَا مُخَالِفَيْنِ لِلْأُصُولِ بَلْ هُمَا أَصْلَانِ مِنْ كِبَارِ الْأُصُولِ، وَخَالَفُوا هَاهُنَا جَمِيعَ الْأُصُولِ فِي الصَّدَقَاتِ، وَفِي الْجِزْيَةِ بِخَبَرٍ لَا يُسَاوِي بَعْرَةً، وَتَعَلَّلُوا بِالِاضْطِرَابِ فِي أَخْبَارِ الثِّقَاتِ، وَرَدُّوا خَبَرَ «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» وَخَبَرَ «لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَأَخَذُوا هَاهُنَا بِأَسْقَطِ خَبَرٍ وَأَشَدِّهِ اضْطِرَابًا، لِأَنَّهُ يَقُولُ رِوَايَةً مَرَّةً: عَنْ السَّفَّاحِ بْنِ مَطَرٍ، وَمَرَّةً: عَنْ السَّفَّاحِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَمَرَّةً عَنْ دَاوُد بْنِ كُرْدُوسٍ أَنَّهُ صَالَحَ عُمَرَ عَنْ بَنِي تَغْلِبَ وَمَرَّةً: عَنْ دَاوُد بْنِ كُرْدُوسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، أَوْ زُرْعَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، أَوْ النُّعْمَانِ بْنِ زُرْعَةَ أَنَّهُ صَالَحَ عُمَرَ؟ وَمَعَ شِدَّةِ هَذَا الِاضْطِرَابِ الْمُفْرِطِ فَإِنَّ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُمْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَكَمْ مِنْ قَضِيَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ، كَكَلَامِهِ مَعَ عُثْمَانَ فِي الْخُطْبَةِ، وَنَفْيِهِ فِي الزِّنَى وَإِغْرَامِهِ فِي السَّرِقَةِ قَبْلَ الْقَطْعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ - بِأَصَحِّ طَرِيقٍ - مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute