للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ بَيَّنَتْ السَّرْدَ الَّذِي ذَكَرَهُ أُسَامَةُ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُتَعَلَّقٌ بِشَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ؛ قُلْت: الدَّهْرُ؟ قَالَ: كَانَتْ تَسْرُدُ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَسْرُدُ الصَّوْمَ. وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ سَرَدَ الصَّوْمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ هُوَ الضُّبَعِيُّ - عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ قَلَّ مَا يَصُومُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رَأَيْتُهُ مُفْطِرًا إلَّا يَوْمَ أَضْحَى، أَوْ يَوْمَ فِطْرٍ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أُمَيْمَةَ عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ إلَّا هَجْعَةً مِنْ أَوَّلِهِ. وَعَنْ الْأَسْوَدِ، وَعُرْوَةَ، وَعُبَيْدٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ الدَّهْرَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ -: أَمَّا عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَدْ فَرَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ صِيَامِ الدَّهْرِ وَبَيْنَ سَرْدِ الصَّوْمِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا إلَّا السَّرْدُ وَهُوَ الْمُتَابَعَةُ لَا صَوْمُ الدَّهْرِ؛ وَلَوْ صَحَّ عَنْهَا ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ؟ -: فَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنْهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَارُ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ؛ فَإِنْ كَانَ مَا لَا يَصِحُّ عَنْهَا مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ حُجَّةً فَاَلَّذِي صَحَّ عَنْهَا مِنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَوْمِ الشَّكِّ حُجَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا حَجَّةً فَلَيْسَ ذَلِكَ حُجَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>