للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى نَصْرَ إخْوَانِنَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] . نَعَمْ، وَنَصْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرْضٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: ٧٢] .

فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَوْلَى بِالنُّصْرَةِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ - فَوَجَبَ أَنْ تَحْلِفَ الْمَرْأَةُ إنْ شَاءَتْ - وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ» وَهَذَا لَفْظٌ يَعُمُّ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ.

وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا حُكْمَ عُمَرَ لِئَلَّا يَدَّعُوا لَنَا الْإِجْمَاعَ.

فَأَمَّا الصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ، فَغَيْرُ مُخَاطَبِينَ أَصْلًا بِشَيْءٍ مِنْ الدِّينِ - قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ. فَذَكَرَ: الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ» مَعَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ أَنْ لَا يَحْلِفَا فِي الْقَسَامَةِ مُتَيَقَّنٌ لَا شَكَّ فِيهِ.

وَأَمَّا الْمَوْلَى مِنْ فَوْقُ، وَالْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ، وَالْحَلِيفُ، فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: قَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ - وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» .

وَأَثْبَتَ الْحَلِفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - قَالُوا: وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَقِينًا - أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِبَنِي حَارِثَةَ مَوَالٍ مِنْ أَسْفَلَ، وَحُلَفَاءُ، لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ، وَلَا مِرْيَةَ، فَوَجَبَ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَهُمْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ - وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ» فَصَحِيحٌ - وَكَذَلِكَ كَوْنُ بَنِي حَارِثَةَ لَهُمْ الْحُلَفَاءُ وَالْمَوَالِي مِنْ أَسْفَلَ بِلَا شَكٍّ؟ إلَّا أَنَّنَا لَسْنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ إذْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ وَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ» حَضَرَ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ حَلِيفٌ لَهُمْ، أَوْ مَوْلًى لَهُمْ - وَلَوْ أَيْقَنَّا أَنَّهُ حَضَرَ هَذَا الْخِطَابَ مَوْلًى لَهُمْ، أَوْ حَلِيفٌ لَهُمْ، لَقُلْنَا بِأَنَّ الْحَلِيفَ وَالْمَوْلَى يَحْلِفُونَ مَعَهُمْ، وَإِذْ لَا يَقِينَ عِنْدَنَا أَنَّهُ حَضَرَ هَذَا الْخِطَابَ حَلِيفٌ وَمَوْلًى؟ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ فِي حُكْمٍ مُنْفَرِدٍ بِرَسْمِهِ، إلَّا مَنْ نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ لُزُومِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>