وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمُجَامِعِ: أُفٍّ لَا أُفْتِيكَ بِشَيْءٍ؟ وَأَمَّا مَنْ جَامَعَ بَعْدَ عَرَفَةَ -: فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَالْهَدْيُ - وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ وَبَدَنَةٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزُورٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ.
وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لَا هَدْيَ إلَّا عَلَى الْمُحْصَرِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ وَطِئَ قَبْلَ عَرَفَةَ تَمَادَيَا عَلَى حَجِّهِمَا ذَلِكَ وَعَلَيْهِمَا حَجٌّ؛ قَابِلٌ وَهَدْيٌ وَيُجْزِئُ فِي ذَلِكَ شَاةٌ وَلَا يَتَفَرَّقَانِ، فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ عَرَفَةَ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَكَانَ مِنْ الْعَجَبِ أَنَّهُ إذَا بَطَلَ حَجُّهُ أَجْزَأَهُ هَدْيُ شَاةٍ وَإِذَا تَمَّ حَجُّهُ لَمْ يُجِزْهُ إلَّا بَدَنَةٌ، وَهَذَا تَقْسِيمٌ مَا رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ؛ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَيْسَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَهَذَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ لَمْ يُوجِبْ فِي ذَلِكَ هَدْيًا أَصْلًا وَلَا أَمَرَ بِالتَّمَادِي عَلَى الْحَجِّ.
قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٨١] فَمِنْ الْخَطَأِ تَمَادِيهِ عَلَى عَمَلٍ لَا يُصْلِحُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّهُ مُفْسِدٌ بِلَا خِلَافٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ، فَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يُصْلِحُ عَمَلَهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْحَجَّ إنَّمَا يَجِبُ مَرَّةً؛ وَمَنْ أَلْزَمهُ التَّمَادِي عَلَى ذَلِكَ الْحَجِّ الْفَاسِدِ، ثُمَّ أَلْزَمَهُ حَجًّا آخَرَ فَقَدْ أَلْزَمَهُ حَجَّتَيْنِ، وَهَذَا خِلَافُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ مَنْ أَبْطَلَ صَلَاتَهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَادَى عَلَيْهَا فَلِمَ أَلْزَمُوهُ التَّمَادِي عَلَى الْحَجِّ؟ وَقَدْ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيًّا فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ التَّفَرُّقِ فَلَا نَكِرَةَ فِيمَنْ خَالَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي قَوْلٍ قَدْ صَحَّ عَنْهُ خِلَافُهُ، وَإِنَّمَا هُمْ سِتَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخْتَلِفُونَ كَمَا ذَكَرْنَا، فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute