قَالُوا: فَإِنْ اسْتَثْنَى الْفَخْذَ، أَوْ الْكَبِدَ، أَوْ الْبَطْنَ لَمْ يَجُزْ.
فَإِنْ اسْتَثْنَى الرَّأْسَ وَالسَّوَاقِطَ؟ قَالَ: إنْ كَانَ مُسَافِرًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسَافِرٍ لَمْ يَجُزْ - فَكَانَتْ هَذِهِ أَعَاجِيبَ، لَا نَعْلَمُ تَقْسِيمَهَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَأَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً لَا يُعَضِّدُهَا قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا قَوْلُ مُتَقَدِّمٍ، وَلَا قِيَاسٌ.
وَأَجَازُوا بَيْعَ الْجَزَرِ، وَالْبَصَلِ، وَالْفُجْلِ: الْمُغَيَّبَةِ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٣] فَقُلْتُ: فَأَبِحْ بِهَذِهِ الْآيَةِ بَيْعَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ دُونَ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ - وَهَذَا احْتِجَاجٌ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ مِنْ مِثْلِهِ فِي تَحْرِيفِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ مَوَاضِعِهِ إلَى مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ؟ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا تَشْتَرُوا الصُّوفَ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ وَلَا اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِهَا.
وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا مُلَازِمِ بْنِ عَمْرِو نا زُفَرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ جُلَسَاءِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ؟ فَقَالَ لَا خَيْرَ فِيهِ - وَسَأَلْته عَنْ الشَّاةِ بِالشَّاتَيْنِ إلَى أَجَلٍ؟ فَقَالَ: لَا إلَّا يَدًا بِيَدٍ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُشْتَرَى اللَّبَنُ فِي ضُرُوعِ الشَّاةِ - وَكَرِهَهُ مُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ - وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ أَجَازَهُ بِالْكَيْلِ فَقَطْ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إجَازَةُ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ، وَالصُّوفِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ - وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ لَبَنِ الشَّاةِ جُمْلَةً أَشْهَرُ. وَلَمْ يُجِزْهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَا الشَّافِعِيُّ، وَلَا أَحْمَدُ، وَلَا إِسْحَاقُ، وَلَا أَبُو سُلَيْمَانَ - فَهَذَانِ صَاحِبَانِ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخَالِفٌ أَصْلًا، وَإِبْرَاهِيمُ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَمَّنْ أَدْرَكَ، وَهُمَا أَكَابِرُ التَّابِعِينَ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَافَقَ آرَاءَهُمْ.
وَاحْتَجُّوا فِي هَذَا بِجَوَازِ إجَارَةِ الظِّئْرِ لِلرِّضَاعِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute