للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا أَدْرَكْت الصَّفْقَةَ مَجْمُوعًا حَيًّا فَمِنْ الْبَائِعِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَخَالَفْتُمُوهُ، فَمَا الَّذِي جَعَلَ أَحَدَهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ؟ وَقَالُوا: لَوْ أَنَّ أَرْضًا تَكْسِيرُهَا مَعْلُومٌ مِائَةُ ذِرَاعٍ فِي مِثْلِهَا، أَوْ دَارًا كَذَلِكَ: فَبَاعَ صَاحِبُهَا مِنْهَا عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي مِثْلِهَا مُشَاعًا فِي جَمِيعِهَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ.

فَلَوْ بَاعَ مِنْهَا عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مُشَاعًا فِي جَمِيعِهَا جَازَ ذَلِكَ -.

وَهَذَا تَخْلِيطٌ نَاهِيك بِهِ، وَتَحْرِيمُ شَيْءٍ وَإِبَاحَتُهُ بِعَيْنِهِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ إنَّمَا هُوَ بَيْعُ الْعُشْرِ مُشَاعًا.

وَلَمْ يُجِيزُوا بَيْعَ نَصْلِ السَّيْفِ وَحَمَائِلِهِ وَنِصْفِ حِلْيَتِهِ مُشَاعًا، وَقَالُوا: هَذَا ضَرَرٌ - فَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ ضَرَرٍ فِي هَذَا؟ وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَأَجَازُوا بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ، وَوُفِّقُوا فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: إنْ أُخِذَ فِي جَزَازِهِ وَإِلَّا فَلَا.

وَأَجَازُوا بَيْعَ لَبَنِ الْغَنَمِ الْكَثِيرَةِ شَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ -.

وَهَذَا قَوْلٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، أَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ لَمْ يُخْلَقْ، وَبَيْعُ غَرَرٍ.

وَمَنَعُوا مِنْ بَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ وَاحِدَةٍ كُلِّهِ، وَقَالُوا: هَذَا غَرَرٌ وَقَدْ تَمُوتُ؟ فَقُلْنَا: وَقَدْ تَمُوتُ الْكَثِيرَةُ أَوْ يَمُوتُ بَعْضُهَا.

وَنَسْأَلُهُمْ عَنْ بَيْعِ لَبَنِ شَاتَيْنِ كَذَلِكَ؟ فَإِنْ مَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ سَأَلْنَاهُمْ عَنْ لَبَنِ ثَلَاثِ شِيَاهٍ؟ وَلَا نَزَالُ نَزِيدُهُمْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً حَتَّى يَحِدُّوا مَا يُحَرِّمُونَ مِمَّا يُحَلِّلُونَ، ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ عَنْ الْفَرْقِ؟ وَذَلِكَ مَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ.

وَأَجَازُوا بَيْعَ بُطُونِ الْمَقَاثِي، وَالْيَاسَمِينِ، وَجِزَّاتِ الْقَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ كُلَّهُ، وَلَمْ يَرَوْهُ غَرَرًا، وَرَأَوْا بَيْعَ الْعَبْدِ الْآبِقِ، وَالْجَمَلِ الشَّارِدِ وَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ: غَرَرًا، فَيَا لَهَذِهِ الْعَجَائِبِ.

وَأَجَازُوا بَيْعَ لَحْمِ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ دُونَ جِلْدِهَا.

وَأَجَازُوا اسْتِثْنَاءَ أَرْطَالٍ يَسِيرَةٍ مِنْ لَحْمِهَا لِلْبَائِعِ الثُّلُثَ فَأَقَلُّ.

وَمَنَعُوا مِنْ اسْتِثْنَاءِ أَكْثَرَ - فَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيِّ أَعْضَائِهَا تَكُونُ تِلْكَ الْأَرْطَالُ وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الصِّفَاتِ وَالْقِيَمِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>