وَلَا لَفْظَةٌ شَرْعِيَّةٌ، ثُمَّ صَارَ يُشَرِّعُ بِهَا أَبُو حَنِيفَةَ الشَّرَائِعَ فَيُحَرِّمُ وَيُحَلِّلُ، فَعَلَى " الْأُنْمُوذَجِ " الْعَفَاءُ، وَصَفْعُ الْقَفَاءِ، وَعَلَى كُلِّ شَرِيعَةٍ تُشَرَّعُ بِالْأُنْمُوذَجِ.
ثُمَّ تَحْدِيدُ أَبِي يُوسُفَ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ لَا الْمَكَايِيلَ؛ وَقَدْ يَتَّخِذُ الْبَاعَةُ مَكَايِيلَ صِغَارًا جِدًّا، وَمَا عَهِدْنَا بِالْجَزَرِ، وَلَا الْفُجْلِ: يَقَعَانِ فِي الْكَيْلِ، فَمِنْ أَيْنَ خَرَجَ لَهُ تَحْدِيدُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ بِهَذَا الْحَدِّ الْفَاسِدِ - وَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ؟ وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ جَوَازُ بَيْعِ هَذِهِ الْمُغَيَّبَاتِ دُونَ الْأَرْضِ؟ وَمَنَعُوا مِنْ بَيْعِ الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهُمَا، وَكِلَاهُمَا غَرَرٌ وَبَيْعُ مَجْهُولٍ.
ثُمَّ أَطْرَفُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ: مَنْعُهُمْ مِنْ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ، وَذِرَاعٍ مَحْدُودَةٍ مِنْ هَذَا الطَّرْفِ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، أَوْ ذِرَاعٍ مَحْدُودٍ إلَى طَرْفِهِ مِنْ خَشَبَةٍ حَاضِرَةٍ، وَحِلْيَةِ هَذَا السَّيْفِ دُونَ جَفْنِهِ وَنَصْلِهِ؟ وَرَأَوْا هَذَا غَرَرًا وَعَمَلًا مُشْتَرَطًا يُفْسِدُ الْبَيْعَ - وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ. وَلَمْ يَرَوْا الدَّرْسَ، وَالتَّصْفِيَةَ، وَالسَّلْخَ غَرَرًا، وَلَا عَمَلًا مُشْتَرَطًا يُفْسِدُ الْبَيْعَ؟ فَهَلْ لِأَصْحَابِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْمُتَخَاذِلَةِ حَظٌّ مِنْ الْعِلْمِ؟ ثُمَّ أَجَازُوا بَيْعَ الْقَصِيلِ عَلَى الْقَطْعِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى الْقَطْعِ.
وَأَجَازُوا بَيْعَ جِذْلِ نَخْلَةٍ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ؛ وَلَمْ يَرَوْا قَطْعَهُ غَرَرًا، وَلَا عَمَلًا مُشْتَرَطًا يُفْسِدُ الْبَيْعَ؟ وَهَلْ يَشُكُّ ذُو مُسْكَةٍ مِنْ عَقْلٍ فِي أَنَّ إدْخَالَ الْجِلْمِ إلَى حَاشِيَةٍ مَحْدُودَةٍ مِنْ ثَوْبٍ وَقَطْعَهُ، وَقَلْعَ حِلْيَةٍ عَلَى غِمْدِ سَيْفٍ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى غُلَامٍ مُرَاهِقٍ: أَسْهَلُ وَأَخَفُّ مِنْ دَرْسِ أَلْفِ كُرٍّ وَتَصْفِيَتِهَا وَمِنْ سَلْخِ نَاقَةٍ؟ وَلَكِنَّ هَذَا مِقْدَارُ نَظَرِهِمْ وَفِقْهِهِمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصُّوفُ يُنَمَّى وَلَا يُدْرَى أَيْنَ يَقَعُ الْقَطْعُ مِنْهُ وَمِنْ الثَّوْبِ؟ فَقُلْنَا: وَالْجِذْلُ يُنَمَّى وَلَا يُدْرَى أَيْنَ يَقَعُ الْقَطْعُ مِنْهُ وَلَا فَرْقَ.
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute