للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ السَّخَافَةِ غَيْرُ قَلِيلٍ وَهَذَا مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ طُولُهُ ثَمَانُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَنَيِّفٍ، وَرُبَّ مَسْجِدٍ لَيْسَ عَرْضُهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَطُولُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَقَطْ وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى تَسْلِيمِهِ إيَّانَا مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْمُنَافِرَةِ لِصِحَّةِ الدِّمَاغِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ اسْتَخْلَفَ مَنْ دَخَلَ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُكَبِّرْ بَعْدُ، أَوْ قَدْ كَبَّرَ، أَوْ مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، أَوْ قَدَّمُوا لَهُمْ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، أَوْ تَقَدَّمَ هُوَ -: فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، إذْ اسْتِخْلَافُ إمَامٍ يُتِمُّ بِهِمْ فَرْضٌ كَمَا ذَكَرْنَا، لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ عَلَيْهِمْ، فَلْيَبْدَأْ الْمُسْتَخْلِفُ - إنْ كَانَ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَاسْتُخْلِفَ فِي الثَّانِيَةِ: فَيُتِمَّ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِهِمْ، ثُمَّ إذَا سَجَدَ سَجْدَتَيْهَا أَشَارَ إلَيْهِمْ فَجَلَسُوا، وَقَامَ هُوَ إلَى ثَانِيَتِهِ، فَإِذَا أَتَمَّهَا جَلَسَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَامَ وَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَمَّ بِهِمْ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ الرَّكْعَةِ -: إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ، فَإِنْ كَانَتْ الصُّبْحَ فَكَذَلِكَ سَوَاءٌ سَوَاءٌ، فَإِذَا أَتَمَّ تَشَهُّدَهُ سَلَّمَ وَسَلَّمُوا؟ فَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ وَاسْتُخْلِفَ فِي الْجُلُوسِ كَبَّرَ وَقَامُوا مَعَهُ بَعْدَ أَنْ يُتِمُّوا تَشَهُّدَهُمْ بِأَسْرَعَ مَا يُمْكِنُ، وَأَتَى بِالرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَهُمْ مَعَهُ، فَإِذَا جَلَسُوا قَامَ إلَى بَاقِي صَلَاتِهِ فَأَتَمَّهَا ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُونَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي جُلُوسِ الصُّبْحِ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا؟ فَإِنْ فَاتَتْهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَاسْتُخْلِفَ فِي أَوَّلِ الرَّابِعَةِ صَلَّاهَا، فَإِذَا رَفَعَ مِنْ آخِرِ سُجُودِهِ قَامَ وَجَلَسُوا، ثُمَّ أَتَى بِرَكْعَةٍ وَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَامَ وَأَتَى بِبَاقِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا؟ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يُصَلِّي إلَّا صَلَاةَ نَفْسِهِ، لَا كَمَا كَانَ يُصَلِّي لَوْ كَانَ مَأْمُومًا، لِأَنَّهُ إمَامٌ وَالْإِمَامُ لَا يَتْبَعُ أَحَدًا فِي صَلَاتِهِ لَكِنْ يُتْبَعُ فِيهَا، وَأَمَّا هُمْ فَيَتْبَعُونَهُ فِيمَا لَا يُرِيدُونَ بِهِ فِي صَلَاتِهِمْ وُقُوفًا وَلَا سَجْدَةً ثَالِثَةً، وَكُلُّ أَحَدٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤]

فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ فِي مُؤَخَّرِ الصُّفُوفِ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ إلَى أَحَدِ جِهَاتِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ -: فَفَرْضٌ عَلَيْهِ الْمَشْيُ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ كَمَا هُوَ عَلَى أَحَدِ جَنْبَيْهِ إلَى مَوْقِفِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْإِمَامِ - لِغَيْرِ الضَّرُورَةِ - أَنْ يَقِفَ أَمَامَ الْمَأْمُومِينَ وَهُمْ وَرَاءَهُ وَلَا بُدَّ، فَفَرْضٌ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ عَنْ كَوْنِ وَجْهِهِ إلَى شَطْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>