للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ: لَا قَصْرَ فِي يَوْمٍ إلَى الْعَتَمَةِ، لَكِنْ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ: لَا قَصْرَ إلَّا فِي يَوْمٍ مُتَاحٍ. وَقَدْ خَالَفَهُ مَالِكٌ فِي أَمْرِهِ عَطَاءً: أَنْ لَا يَقْصُرَ إلَى مِنًى وَلَا إلَى عَرَفَةَ، وَعَطَاءٌ مَكِّيٌّ، فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ قَوْلِهِ حُجَّةً وَجُمْهُورُ قَوْلِهِ لَيْسَ حُجَّةً وَخَالَفَهُ أَيْضًا مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: إذَا قَدِمْت عَلَى أَهْلٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ.

فَحَصَلَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ: خَارِجًا عَنْ أَنْ يَقْطَعَ بِأَنَّهُ تَحْدِيدُ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَا وُجِدَ بَيِّنًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُ حَدَّ مَا فِيهِ الْقَصْرُ بِذَلِكَ.

وَلَعَلَّ التَّحْدِيدَ - الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - إنَّمَا هُوَ مِنْ دُونِ عَطَاءٍ، وَهُوَ هِشَامُ بْنُ رَبِيعَةَ.

وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ مَنَعَ الْقَصْرَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَسَقَطَتْ أَقْوَالُ مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِالْأَمْيَالِ الْمَذْكُورَةِ سُقُوطًا مُتَيَقَّنًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ مَنْ حَدَّ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ يَوْمٍ وَشَيْءٍ زَائِدٍ، أَوْ يَوْمٍ تَامٍّ، أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ -: فَلَمْ نَجِدْ لِمَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِيَوْمٍ وَزِيَادَةِ شَيْءٍ مُتَعَلِّقًا أَصْلًا، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ فَنَظَرْنَا فِي الْأَقْوَالِ الْبَاقِيَةِ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ مُتَعَلِّقًا إلَّا بِالْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ فِي «نَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنْ السَّفَرِ -: فِي بَعْضِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَفِي بَعْضِهَا لَيْلَتَيْنِ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَفِي بَعْضِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَفِي بَعْضِهَا يَوْمًا إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>