للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي بَعْضِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي عَامِ الْفَتْحِ، وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي جِهَادٍ، وَفِي دَارِ حَرْبٍ، لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ -: كَصَفْوَانَ وَغَيْرِهِمْ لَهُمْ مُدَّةُ مُوَادَعَةٍ لَمْ تَنْقَضِ بَعْدُ.

وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ فِي هَوَازِنَ قَدْ جُمِعَتْ لَهُ الْعَسَاكِرُ بِحُنَيْنٍ عَلَى بِضْعَةَ عَشَرَ مِيلًا.

وَخَالِدُ بْنُ سُفْيَانَ الْهُذَلِيُّ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يَجْمَعُ هُذَيْلًا لِحَرْبِهِ.

وَالْكُفَّارُ مُحِيطُونَ بِهِ مُحَارِبُونَ لَهُ -: فَالْقَصْرُ وَاجِبٌ بَعْدُ فِي أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْإِقَامَةِ.

وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَتَرَدَّدُ مِنْ مَكَّةَ إلَى حُنَيْنٍ.

ثُمَّ إلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، ثُمَّ إلَى الطَّائِفِ.

وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُوَجِّهُ السَّرَايَا إلَى مَنْ حَوْلَ مَكَّةَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، كَبَنِي كِنَانَةَ، وَغَيْرِهِمْ.

فَهَذَا قَوْلُنَا، وَمَا دَخَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَكَّةَ قَطُّ مِنْ حِينِ خَرَجَ عَنْهَا مُهَاجِرًا إلَّا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، أَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ.

ثُمَّ حِينَ فَتَحَهَا كَمَا ذَكَرْنَا مُحَارِبًا.

ثُمَّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَقَامَ بِهَا كَمَا وَصَفْنَا، وَلَا مَزِيدَ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ هَذِهِ الْإِقَامَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فِي أَوَّلِ دَارِ الْحَرْبِ وَبَعْدَ الْإِحْرَامِ -: فَلِأَنَّ الْقَاصِدَ إلَى الْجِهَادِ مَا دَامَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ فِي حَالِ جِهَادٍ، وَلَكِنَّهُ مُرِيدٌ لِلْجِهَادِ وَقَاصِدٌ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسَافِرٌ كَسَائِرِ الْمُسَافِرِينَ، إلَّا أَجْرَ نِيَّتِهِ فَقَطْ، وَهُوَ مَا لَمْ يُحْرِمْ فَلَيْسَ بَعْدُ فِي عَمَلِ حَجٍّ وَلَا عَمَلِ عُمْرَةٍ، لَكِنَّهُ مُرِيدٌ لَأَنْ يَحُجَّ، أَوْ لَأَنْ يَعْتَمِرَ، فَهُوَ كَسَائِرِ مَنْ يُسَافِرُ وَلَا فَرْقَ؟

[قَالَ عَلِيٌّ: وَكُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ - إذْ أَقَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>