للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: ١٣٠] .

وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مِنْ مِلَّتِهِ، وَمِلَّتُهُ هِيَ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا بِيَسِيرٍ فِي بَابِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَوَجَدَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَجَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ فِي الْخَوْفِ ثُمَّ سَلَّمَ، وَبِطَائِفَةٍ أُخْرَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ» .

وَذَكَرْنَا مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ، فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ، وَهَذَا آخِرُ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ أَبَا بَكَرَةَ شَهِدَهُ مَعَهُ وَلَمْ يُسْلِمْ إلَّا يَوْمَ الطَّائِفِ، وَلَمْ يَغْزُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَ الطَّائِفِ غَيْرَ تَبُوكَ فَقَطْ.

فَهَذِهِ أَفْضَلُ صِفَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَقَالَ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَيْضًا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ " فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةٌ " -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُبَيْعٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ حَدَّثَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ هُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ - عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمَ قَالَ: " كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَقَامَ حُذَيْفَةُ وَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، وَانْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ أُولَئِكَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا ".

قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِي الرُّكَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ.

قَالَ عَلِيٌّ: الْأَسْوَدُ بْنُ هِلَالٍ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ زَهْدَمٍ أَحَدُ الصَّحَابَةِ حَنْظَلِيٌّ وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَ مِنْهُ وَرَوَى عَنْهُ.

وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا مُسْنَدًا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، وَأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>