للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ إلَّا ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَجْهَرْ وَإِنَّمَا فِيهِ «لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا» وَصَدَقَ سَمُرَةُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعْهُ لَسَمِعَهُ كَمَا سَمِعَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الَّتِي كَانَتْ قَرِيبًا مِنْ الْقِبْلَةِ فِي حُجْرَتِهَا، وَكِلَاهُمَا صَادِقٌ

ثُمَّ لَوْ كَانَ فِيهِ " لَمْ يَجْهَرْ " لَكَانَ خَبَرُ عَائِشَةَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي خَبَرِ سَمُرَةَ، وَالزَّائِدُ أَوْلَى، أَوْ لَكَانَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزًا لَا يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَكَيْفَ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا نَعْلَمُ اخْتِيَارَ الْمَالِكِيِّينَ رُوِيَ عَمَلُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِبَيَانِ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ؟ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ صِحَاحًا كُلُّهَا وَإِنَّمَا صَلَّاهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرَّةً وَاحِدَةً إذْ مَاتَ إبْرَاهِيمُ؟ قُلْنَا: هَذَا هُوَ الْكَذِبُ وَالْقَوْلُ بِالْجَهْلِ -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عُمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي كُسُوفٍ - فِي صِفَةِ زَمْزَمَ - أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ» . فَهَذِهِ صَلَاةُ كُسُوفٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ سِوَى الَّتِي كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَمَا رَوَوْا قَطُّ عَنْ أَحَدٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ إلَّا مَرَّةً ".

<<  <  ج: ص:  >  >>