قَالَ: فَلَنْ أَدَعَ السُّجُودَ فِيهَا أَبَدًا» أَسْلَمَ الْمُطَّلِبُ يَوْمَ الْفَتْحِ.
فَهَذَا عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُمْ يُشَنِّعُونَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا.
وَبِالسُّجُودِ فِيهَا يَقُولُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَدَاوُد، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاحْتَجَّ الْمُقَلِّدُونَ لِمَالِكٍ بِخَبَرٍ -: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا سُجُودَ فِيهَا، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ السُّجُودَ فَرْضٌ فَقَطْ.
وَهَكَذَا نَقُولُ: إنَّ السُّجُودَ لَيْسَ فَرْضًا، لَكِنْ إنْ سَجَدَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَرَكَ فَلَا حَرَجَ، مَا لَمْ يَرْغَبْ عَنْ السُّنَّةِ؟ وَأَيْضًا: فَإِنَّ رَاوِيَ هَذَا الْخَبَرِ قَدْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى رِوَايَتِهِ - وَهُوَ ابْنُ قُسَيْطٍ - فَالْآنَ صَارَتْ رِوَايَتُهُ حُجَّةً فِي إبْطَالِ السُّنَنِ؟ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا يَدَّعُونَهُ؟ وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِخَبَرٍ -: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ - أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْجُدُ بِمَكَّةَ بِالنَّجْمِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ رَأَى أَبُو سَعِيدٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّهُ يَكْتُبُ سُورَةَ ص، فَلَمَّا أَتَى عَلَى السَّجْدَةِ: سَجَدَتْ الدَّوَاةُ، وَالْقَلَمُ، وَالشَّجَرُ، وَمَا حَوْلَهُ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: فَأَخْبَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَجَدَ فِيهَا، وَتَرَكَ النَّجْمَ»
فَهَذَا خَبَرٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ بَكْرًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّنْ سَمِعَهُ، إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute